كَبيرٍ؛ أمَّا أحَدُهُما فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِه". مُتَّفَقٌ عليه (٦). وفي رِوَايةٍ: "لا يَسْتَنْزِهُ من بَوْلِه". ولأنَّها إحْدَى الطَّهَارَتَيْنِ، فكانت شَرْطًا للصَّلاةِ، كالطَّهَارَةِ من الحَدَثِ.
فصل: وطَهارةُ مَوْضِعِ الصَّلاةِ شَرْطٌ أيضًا، وهو المَوْضِعُ الذي تَقَعُ عليه أعْضاؤُه وتُلاقِيهِ ثيابُه التي عليه، فلو كان على رَأْسِه طَرَفُ عِمَامَةٍ، وطَرَفُها الآخَرُ يَسْقُطُ على نَجَاسةٍ، لم تَصِحَّ صَلاتُه. وذَكَرَ ابنُ عَقِيلٍ احْتِمَالًا فيما تَقَعُ عليه ثِيَابُه خاصَّةً، أنَّه لا يشترط طَهارتُه؛ لأنَّه يُبَاشِرُها بما هو مُنْفَصِلٌ عن ذَاتِه، أشْبَهَ ما لو صَلَّى إلى جانِبِه إنْسَانٌ نَجِسُ الثَّوْبِ، فالْتَصَقَ ثَوْبُه به. والأوَّلُ المَذْهبُ؛ لأنَّ سُتْرَتَه تَابِعَةٌ له، فهى كأعْضاءِ سُجُودِه. فأمَّا إذا كان ثَوْبُه يَمسُّ شيئًا نَجِسًا، كَثَوْبِ مَن يُصَلِّي إلى جَانِبِه، أو حائِطٍ لا يَسْتَنِدُ إليه، فقال ابنُ عَقِيلٍ: لا تَفْسُدُ صَلاتُه بذلك؛ لأنَّه لَيْسَ بمَحَلٍّ لِبَدَنِه ولا سُتْرَتِه، ويَحْتَمِلُ أن يَفْسُدَ؛ لأن سُتْرَتَه مُلاقِيةٌ لِنَجَاسَةٍ، أَشْبَه ما لو وَقَعَتْ عليها. وإن كانت النَّجَاسَةُ مُحَاذِيَةً لِجِسْمِهِ في حال سُجُودِه؛ بحيثُ لا يَلْتَصِقُ بها شيءٌ من بَدَنِه ولا أعْضائِه، لم يَمْنَعْ صِحَّةَ صَلاتِه؛ لأنَّه لم يُبَاشِر النَّجاسةَ، فأشْبَهَ ما لو خَرَجَتْ عن مُحَاذَاتِه.
فصل: وإذا صَلَّى، ثم رَأَى عليه نَجَاسَةً في بَدَنِه أو ثِيَابِهِ، لا يَعْلَمُ؛ هل كانت عليه في الصَّلاةِ، أو لا؟ فصَلاتُه صَحِيحَةٌ؛ لأنَّ الأصْلَ عَدَمُها في الصَّلاةِ. وإن عَلِمَ أنَّها كانت في الصَّلاةِ، لكن جَهِلَها حتى فَرَغَ من الصَّلاةِ، فَفِيه رِوَايتان: إحْدَاهما،
(٦) أخرجه البخاري، في: باب من الكبائر أن لا يستتر من بوله، وباب ما جاء في غسل البول، من كتاب الوضوء، وفى: باب الجريد على القبر، وباب عذاب القبر من الغيبة والبول، من كتاب الجنائز، وفى: باب الغيبة، وباب النميمة من الكبائر، من كتاب الأدب. صحيح البخاري ١/ ٦٤، ٦٥، ٢/ ١١٩، ١٢٠، ١٢٤، ٨/ ٢٠، ٢١. ومسلم، في: باب الدليل على نجاسة البول ووجوب الاستبراء منه، من كتاب الطهارة. صحيح مسلم ١/ ٢٤٠، ٢٤١. كما أخرجه أبو داود، في: باب الاستبراء من البول، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود ١/ ٥. والترمذي، في: باب التشديد في البول، من أبواب الطهارة. عارضة الأحوذى ١/ ٩٠. والنسائي، في: باب التنزه عن البول، من كتاب الطهارة. وفى: باب وضع الجريدة على القبر، من كتاب =