للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمالٍ، فلا تَجِبُ الزكاةُ فيه قبلَ قَبْضِه، كدَيْنِ الكِتَابَةِ. ولَنا، أنَّه دَيْنٌ يُسْتَحَقُّ قَبْضُه، ويُجْبَرُ المَدِينُ على أدَائِه، فوَجَبَتْ فيه الزكاةُ، كثَمَنِ المَبِيعِ. ويُفارِقُ دَيْنَ الكِتَابَةِ، فإنَّه لا يُسْتَحَقُّ قَبْضُه، ولِلْمُكاتَبِ الامْتِناعُ من أدَائِه، ولا يَصِحُّ قِيَاسُهم عليه، فإنه عِوَضٌ عن مالٍ.

فصل: فإنْ قَبَضَتْ صَدَاقَها قبل الدُّخُولِ، ومَضَى عليه حَوْلٌ، فَزَكَّتْه، ثم طَلَّقَها الزَّوْجُ قبلَ الدُّخُولِ، رَجَع عليها (٦) بِنِصْفِه، وكانتِ الزكاةُ من النِّصْفِ الباقِى لها. وقال الشَّافِعِيُّ في أحَدِ أقْوَالِه: يَرْجِعُ الزَّوْجُ بِنِصْفِ المَوْجُودِ ونِصْفِ قِيمَةِ المُخْرَجِ؛ لأنَّه لو تَلِفَ الكُلُّ رَجَعَ عليها بِنِصْفِ قِيمَتِه، فكذلك إذا تَلِفَ البَعْضُ. ولَنا، قولُ اللهِ تعالى: {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} (٧). ولأنَّه يُمْكِنُه الرُّجُوعُ في العَيْنِ، فلم يَكُنْ له الرُّجُوعُ إلى القِيمَةِ، كما لو لم يَتْلَفْ منه شىءٌ. ويُخَرَّجُ على هذا ما لو تَلِفَ كُلُّهُ، فإنَّه ما أمْكنَه الرُّجُوعُ في العَيْنِ. وإن طَلَّقَها بعدَ الحَوْلِ وقبلَ الإخْرَاجِ، لم يَكُنْ لها (٨) الإخْراجُ من النِّصابِ، لأنَّ حَقَّ الزَّوْجِ تَعَلَّقَ به على وَجْهِ الشَّرِكَةِ، والزكاةُ لم تَتَعَلَّقْ به على وَجْهِ الشَّرِكَةِ، لكن تُخْرِجُ الزَّكَاةَ من غيرِه، أو يَقْتَسِمانِه (٩)، ثم تُخْرِجُ الزكاةَ من حِصَّتِها. فإنْ طَلَّقَها قبلَ الحَوْلِ مَلَكَ النِّصْفَ مُشَاعًا، وكان حُكْمُ ذلك كما لو بَاعَ نِصْفَه قبلَ الحَوْلِ مُشَاعًا، وقد بَيَّنَّا حُكْمَهُ.

فصل: فإنْ كان الصَّدَاقُ دَيْنًّا، فأبْرَأَتِ الزَّوْجَ منه بعدَ مُضِيِّ الحَوْلِ، ففيه رِوايَتَانِ؛ إحْدَاهُما، عليها الزكاةُ؛ لأنَّها تَصَرَّفَتْ فيه، فأشْبَهَ ما لو قَبَضَتْهُ. والرِّوَايَةُ الثانيةُ، زَكَاتُه على الزَّوْجِ؛ لأنَّه مَلَكَ ما مُلِّكَ عليه، فكأنَّه لم يَزُلْ مِلْكُه


(٦) في ب، م: "فيها".
(٧) سورة البقرة ٢٣٧.
(٨) في الأصل، م: "له".
(٩) في ب، م: "يقسمانه".

<<  <  ج: ص:  >  >>