للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا عَزَّرَه له (١١). وقال بعضُ أصْحابِ الشافعىِّ: يجبُ الحَدُّ لهما (١٢). وهل يَجِبُ حَدٌّ واحدٌ (١٣) أو حَدَّانِ؟ على وَجْهَيْن. وقال بعضُهم: لا يجبُ إلَّا حَدٌّ واحدٌ، قولًا واحدًا. ولا خِلافَ بينهم أنَّه إذا لَاعَنَ، وذكر الأجْنَبِىَّ فى لِعانِه، أنَّه يَسْقُطُ عنه حُكْمُه، وإن لم يذكُرْه، فعلى وَجْهَيْن. ولَنا، أَنَّ اللِّعانَ بَيِّنةٌ فى أحدِ الطَّرَفَيْنِ، فكان بَيِّنَةً فى الطَّرَفِ الآخَرِ، كالشهادةِ، ولأنَّ به حاجةً إلى قَذْفِ الزَّانِى، لما أفْسَدَ عليه من فِرَاشِه، وربما يحْتاجُ إلى ذِكْرِه ليَسْتَدِلَّ بشَبَهِ الولدِ للمَقْذُوفِ على صِدْقِ قاذِفِه، كما اسْتَدَلَّ النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- على صِدْقِ هِلالٍ بشَبَهِ الولدِ لشَرِيكِ بن سَحْماءَ، فوَجَبَ أن يُسْقِطَ حكمَ قَذْفِه ما أسْقَطَ حُكْمَ قَذْفِها، قياسًا له عليها.

فصل: ولو قَذَفَ امرأتَه وأجْنَبِيَّةً أو أجْنَبِيًّا بكلمتَيْنِ، فعليه حَدَّانِ لهما، فيَخْرُجُ من حَدِّ الأجْنَبِيَّةِ بالبَيِّنةِ خاصَّةً، ومن حَدِّ الزَّوجةِ بالبَيِّنةِ أو اللِّعانِ. وإن قَذَفَهُما بكلمةٍ، فكذلك، إلَّا أنَّه إذا لم يُلاعِنْ، ولم تَقُمْ بَيِّنةٌ، فهل يُحَدُّ لهما حَدًّا واحدًا أو حَدَّيْنِ؟ على رِوَايتَيْنِ، إحْداهما، يَحُدُّ حدًّا واحدًا. وبه قال أبو حنيقةَ، والشافعىُّ فى القديمِ. وزاد أبو حنيفةَ: سَواءٌ كان بكلمةٍ أو بكلماتٍ؛ لأنَّها (١٤) حُدُودٌ من جِنْسِ، فوَجَبَ أن تَتداخَل، كحُدُودِ الزِّنَى. والثانية: إن طلبُوا (١٥) مُجْتَمِعينَ فحدٌّ واحدٌ، وإن طَلَبُوا (١٥) مُتَفَرِّقينَ فلكل واحدٍ حَدٌّ؛ لأنَّهم إذا اجْتمعُوا فى الطَّلَبِ، أمْكَنَ إيفاؤُهم بالحَدِّ الواحدِ، وإذا تفَرّقُوا لم يُمْكِنْ جَعْلُ الحَدِّ الواحدِ إيفاءً لمن لم يُطالِبْ؛ لأنَّه لا يجوزُ إقامةُ الحَدِّ له قبلَ المُطالبةِ منه. وقال الشافعىُّ، فى الجدِيدِ (١٦): يُقامُ لكلِّ واحدٍ حَدٌّ بكلِّ


(١١) تقدم تخريجه، فى: ٨/ ٣٧٣.
(١٢) سقط من: ب، م.
(١٣) سقط من: الأصل.
(١٤) فى أ، ب، م: "لأنهما".
(١٥) فى أ، ب، م: "طالبوا".
(١٦) فى م: "الحد".

<<  <  ج: ص:  >  >>