الرُّجُوعَ، كالدَّيْنِ فى ذِمَّتِه. وفَارَقَ الرَّهْنَ؛ فإنَّه يَمْنَعُ تَصَرُّفَ المُشْتَرِى فيه. فإن قُلْنا: لا يَرْجِعُ. فَحُكْمُه حُكْمُ الرَّهْنِ. وإن قُلْنا: له الرُّجُوعُ. فهو مُخَيَّرٌ؛ إن شاءَ رَجَعَ فيه نَاقِصًا بأرْشِ الجِنَايَةِ، وإن شاءَ ضَرَبَ بِثَمَنِه مع الغُرَمَاءِ. وإن أَبْرَأَ الغَرِيمَ من الجِنَايَةِ، فَلِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ فيه؛ لأنَّه وَجَدَ مَتَاعَهُ بِعَيْنِه خَالِيًا من تَعَلُّقِ حَقِّ غيرِه به.
فصل: وإن أفْلَسَ بعدَ خُرُوجِ المَبِيعِ من مِلْكِه؛ بِبَيْعٍ، أو هِبَةٍ، أو وقْفٍ، أو عِتْقٍ، أو غيرِ ذلك، لم يكُنْ لِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ؛ لأنَّه لم يُدْرِكْ مَتَاعَهُ بِعَيْنِه عندَ المُفْلِسِ، سواءٌ كان المُشْتَرِى يُمْكِنُه اسْتِرْجَاعُه بخِيَارٍ له، أو عَيْبٍ فى ثَمَنِه، أو رُجُوعِه فى هِبَةِ وَلَدِه، أو غيرِ ذلك؛ لما ذَكَرْنَا. وخُرُوجُ بَعْضِه كَخُرُوجِ جَمِيعِه؛ لما تَقَدَّمَ. فإن أفْلَسَ بعدَ رُجُوعِ ذلك إلى مِلْكِه، ففيه ثلاثةُ أوْجُهٍ: أحَدُها، له الرُّجُوعُ؛ لِلْخَبَرِ، ولأنَّه وَجَدَ عَيْنَ مَالِه خَالِيًا عن حَقِّ غيرِه، أشْبَهَ ما لو لم يَبِعْهُ. والثانى، لا يَرْجِعُ؛ لأنَّ هذا المِلْكَ لم يَنْتَقِلْ إليه منه، فلم يَمْلِكْ فَسْخَهُ. ذَكَرَ أصْحَابُنا هذَيْنِ الوَجْهَيْنِ. ولِأصْحابِ الشَّافِعِىِّ مثلُ ذلك. والثالث، أنَّه (٢٨) إن عَادَ إليه بِسَبَبٍ جَدِيدٍ، كبَيْعٍ، أو هِبَةٍ، أو إرْثٍ، أو وَصِيَّةٍ، أو نحوِ ذلك. لم يكُنْ لِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ؛ لأنَّه لم يَصِرْ إليه من جِهَتِه. وإن عَادَ إليه بِفَسْخٍ، كالإِقَالَةِ، والرَّدِّ بِعَيْبٍ أو خِيَارٍ، ونحوِ ذلك، فلِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ؛ لأنَّ هذا المِلْكَ اسْتَنَدَ إلى السَّبَبِ الأوَّلِ، فإنَّ فَسْخَ العَقْدِ الثانى لا يَقْتَضِى ثُبُوتَ المِلْكِ، وإنَّما أزَالَ السَّبَبَ المُزِيلَ لمِلْكِ البائِعِ، فثَبَتَ المِلْكُ بِالسَّبَبِ الأَوَّلِ، فمَلَكَ اسْتِرْجَاعَ ما ثَبَتَ المِلْكُ فيه بِبَيْعِه.
فصل: وإن كان المَبِيعُ شِقْصًا مَشْفُوعًا، ففيه ثلاثةُ أوْجُهٍ: أحَدُها: البائِعُ أحقُّ به. هذا قولُ ابنِ حامِدٍ؛ لِلْخَبَرِ، ولأنَّه إذا رَجَعَ فيه عَادَ الشِّقْصُ إليه، فزَالَ الضَّرَرُ