للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القُدْرَةِ على الإعْتَاقِ، ثم قَدَرَ عليه، لم يَلْزَمْهُ الخُرُوجُ إليه، إلَّا أنْ يشاءَ العِتْقَ فيُجْزِئُه، ويكونُ قد فَعَلَ الأوْلَى. وبهذا قال الشَّافِعِىُّ. وقال أبو حنيفةَ: يَلْزَمُه الخُرُوجُ؛ لأنَّه قَدَرَ على الأصْلِ قبلَ أدَاءِ فَرْضِه بِالبَدَلِ، فبَطَلَ حُكْمُ المُبْدَلِ (٨)، كالمُتَيَمِّمِ يَرَى الماءَ. ولَنا، أنَّه شَرَعَ فى الكَفَّارَةِ الواجِبَةِ عليه، فأجْزَأتْهُ، كما لو اسْتَمَرَّ العَجْزُ إلى فَرَاغِها، وفَارَقَ العِتْقُ التَّيَمُّمَ لِوَجْهَيْنِ؛ أحدُهما، أنَّ التَّيَمُّمَ لا يَرْفِعُ الحَدَثَ، وإنَّما يَسْتُرُهُ، فإذا وُجِدَ الماءُ ظَهَرَ حُكْمُه، بخِلَافِ الصَّوْمِ، فإنَّه يَرْفَعُ حُكْمَ الجِماعِ بِالكُلِّيَّةِ. الثانى، أنَّ الصِّيَامَ تَطُولُ مُدَّتُه، فيَشُقُّ إلْزَامُه الجَمْعَ بينه وبين العِتْقِ، بِخِلافِ الوُضوءِ والتَّيَمُّمِ.

٤٩٦ - مسألة؛ قال: (فإنْ لم يَسْتَطِعْ فإطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكينًا، لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ مِنْ (١) بُرٍّ، أو نِصْفُ صَاعٍ مِنْ (٢) تَمْرٍ أوْ شَعِيرٍ)

لا نَعْلَمُ خِلافًا بين أهْلِ العِلْمِ فى دُخُولِ الإطْعامِ فى كَفَّارَةِ الوَطْءِ فى رمضانَ فى الجُمْلَةِ، وهو مَذْكُورٌ فى الخَبَرِ، والوَاجِبُ فيه إطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا، فى قَوْلِ عَامَّتِهم، وهو فى الخَبَرِ أيضًا، ولأنَّه إطْعَامٌ فى كَفَّارَةٍ فيها صَوْمُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ، فكان إطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكينًا، ككَفَّارَةِ الظِّهارِ. واخْتَلَفُوا فى قَدْرِ ما يُطْعَمُ كُلُّ مِسْكِينٍ، فذَهَبَ أحمدُ إلى أنَّ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدَّ بُرٍّ، وذلك خَمْسَةَ عَشَرَ صاعًا أو نِصْفُ صاعٍ من تَمْرٍ، أو شَعِيرٍ، فيكونُ الجَمِيعُ ثلاثِينَ صاعًا. وقال أبو حنيفةَ: من البُرِّ لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صاعٍ، ومن غيرِه صاعٌ؛ لِقَوْلِ النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فى حَدِيثِ سَلَمَةَ بن صَخْرٍ: "فأَطْعِمْ وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ". رَوَاهُ أبو دَاوُدَ (٣). وقال أبو هُرَيْرَةَ:


(٨) فى أ، ب: "البدل".
(١) سقط من: الأصل، أ.
(٢) سقط من: أ.
(٣) فى باب فى الظهار، من كتاب الطلاق. سنن أبى داود ١/ ٥١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>