للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كتاب الأَقْضِيَة

١٩١٠ - مسألة؛ قال أبو القاسمِ، رحمَه اللَّهُ: (وَإِذَا هَلَك رَجُلٌ، وَخَلَّفَ وَلَدَيْنِ وَمِائَتَىْ دِرْهَمٍ، فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ دَيْنًا عَلَى أبِيه لِأَجْنَبِىٍّ، دَفَعَ إِلَى المُقَرِّ لَهُ نِصْفَ مَا فِى يَدهِ مِنْ إِرْثِهِ عَنْ أَبِيه، إِلَّا أَنْ يَكُونَ المُقِرُّ عَدْلًا، فَيَشَاءَ الْغَرِيمُ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ شَهَادَةِ الِابْنِ، وَيَأْخُذَ مِائَةً، وَتَكُونَ الْمِائَةُ الْبَاقِيةُ بَيْنَ الابْنَيْنِ)

هذه المسألةُ فى الإِقْرارِ مِن بعض الوَرثَةِ، وقد ذكرْناها فى بابِ الإِقْرارِ (١)، وأنَّه إنَّما يَلْزمُ المُقِرَّ مِن الدَّينِ بقَدْرِ مِيرَاثِه منه، ومِيراثُه ههُنا النِّصْفُ، فيَكونُ عليه نِصفُ الدَّينِ؛ وهو نِصْفُ المِائةِ، ونِصْفُها الباقى يَشْهَدُ به على أخيه، فإنْ كان عَدْلًا، فشاءَ الغَرِيمُ، حَلَفَ مع شَهادتِه، واسْتحَقَّ الباقىَ؛ لأنَّه لا تُهْمَةَ فى حقِّ الابنِ المُقِرِّ، فإنَّه لا يَجُرُّ إلى نفسِه بهذه الشَّهادةِ نَفْعًا، ولا يَدْفعُ بها ضُرًّا. وإن شهِدَ أجْنَبِىٌّ مع الوارِثِ المُقِرِّ، كَمَلَتِ الشَّهادةُ، وحُكِمَ للمُدَّعِى بما شهِدا به له، إذا كانا عَدْلَين، وأدَّيا الشَّهادةَ بلفظِ الشَّهادةِ، ولا يُكْتفَى بلَفْظِ الإِقرارِ فى الشَّهادةِ؛ لما ذكرْنا مِن قَبْلُ. وإن كان الإِقْرارُ من اثْنيْنِ مِن الوَرثةِ عَدْلَينِ؛ مثل أن يُخلفَ ثلاثةَ بَنِينَ، فيُقرَّ اثْنانِ منهم بالدَّينِ، ويَشْهدانِ به، فإِنَّ شَهادتَهما تُقْبَلُ، ويَثْبُتُ باقى الدَّينِ فى حقِّ المُنْكرِ. وبهذا كله قال الحَسنُ، والشَّعْبىُّ (٢)، والشَّافعىُّ، وابنُ المُنْذِرِ. وقال حمَّادٌ، وأصْحابُ الرَّأْىِ: المُقَرُّ به كلُّه فى نَصِيبِ المُقِرِّ. وهو قَولُ الشَّعْبِىِّ، وعلى هذا يَنْبَغِى (٣) أَنْ لا تُقْبَلَ شَهادةُ المُقِرِّ بالدَّينِ؛ لأنَّه يَجُرُّ بشَهادتِه نَفْعًا إلى نَفْسِه، وهو إسْقاطُ بعض ما أقَرَّ به عن نفسِه. والإِقْرارُ بوَصِيَّةٍ تَخْرُجُ من الثُّلثِ، كالإِقْرارِ بالدَّينِ، فيما (٤) ذكرْناه.


(١) تقدم فى: ٧/ ٣٢٨.
(٢) كذا ورد فى النسخ. وانظر: ما يأتى.
(٣) سقط من: ب.
(٤) فى ب: "على ما".

<<  <  ج: ص:  >  >>