للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٧٩٢ - مسألة؛ قال: (وَلَو حَلَفَ عَلَى شَىْءٍ وَاحِدٍ بِيَمِينَيْنِ مُخْتَلِفَىِ الكَفَّارَةِ، لَزِمَتْه فِى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْيمِينَيْن كَفّارَتُهَا)

هذا مِثْلُ الحَلِفِ باللَّهِ وبالظِّهارِ، وبعِتْقِ عَبْدِه، فإذا حَنِثَ، فعليه كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وكفَّارَةُ ظِهارٍ، ويَعْتِقُ العَبْدُ؛ لأنَّ تداخُل الأَحْكامِ إنَّما يَكُونُ مع اتِّحادِ الجِنْسِ، كالحُدُودِ من جنسٍ، والكَفَّاراتُ ههُنا أَجْناسٌ، وأسْبابُها مُخْتَلِفَةٌ، فلم تَتَداخَلْ، كحَدِّ (١) الزِّنَى والسَّرِقَةِ والقَذْفِ والشُّرْبِ.

١٧٩٣ - مسألة؛ قال: (ومَنْ حَلَفَ بِحَقِّ القُرْآنِ، لَزِمَتْهُ بِكُلِّ آيَةٍ كَفَّارَةُ يَمِينٍ)

نَصَّ على هذا أحمدُ. وهو قولُ ابنِ مَسْعودٍ، والحسنِ. وعنه، أَنَّ الواجبَ كَفَّارَةٌ واحِدَةٌ. وهو قياسُ المذهبِ. [وهو مذهبُ] (١) الشافِعِىِّ، وأَبِى عُبَيْدٍ، لأَنَّ الحَلِفَ بصِفَاتِ اللَّه كُلِّها، وتَكَرُّرَ اليَمِينِ باللَّهِ سبحانَه، لا يُوجِبُ أكثرَ من كَفّارَةٍ واحِدَةٍ (٢)، فالحَلِفُ بصِفَة واحِدَةٍ من صِفَاتِه أَولَى أَنْ تُجْزِئَه كَفّارَةٌ واحِدَةٌ. ووَجْهُ الأَوَّلِ، ما رَوَى مُجاهِدٌ، قال: قال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ حَلَفَ بِسُورَةٍ مِنَ الْقُرآنِ، فَعَلَيْهِ بكُلِّ آيَةٍ كَفَّارَةُ يَمِينٍ صَبَرَ، فَمَنْ شَاءَ بَرَّ، ومَنْ شَاءَ فَجَرَ". روَاه الأثْرَمُ (٣). ولأنَّ ابنَ مسعودٍ قال: عليه بكُلِّ آيةٍ كفّارَةُ يَمينٍ (٤). ولم نَعْرِفْ مُخالِفًا له فى الصَّحابَةِ، فكان إجْماعًا. قال أحمد: وما أَعْلَمُ شيئًا يدفَعُه. ويَحْتَمِلُ أَنَّ كلامَ أحمدَ، فى كلِّ آيةٍ كَفّارَةٌ، على الاسْتِحْبابِ لمَنْ قَدَرَ عليه، فإنَّه قال: عليه بكُلِّ آيةٍ كَفّارَةٌ، فإنْ لم يُمْكِنْه فكفَّارَةٌ واحِدَةٌ. وردُّه إلى واحِدَةٍ عندَ العَجْزِ، دليلٌ على أَنَّ ما زادَ عليها غيرُ واجِبٍ. وكلامُ ابنِ


(١) سقط من: م.
(١) فى م: "ومذهب".
(٢) لم يرد فى: الأصل، أ، ب.
(٣) وأخرجه البيهقى، فى: باب ما جاء فى الحلف بصفات اللَّه تعالى، من كتاب الأيمان. السنن الكبرى ١٠/ ٤٣. وعبد الرزاق، فى: باب الحلف بالقرآن والحكم فى، من كتاب الأيمان والنذور. المصنف ٨/ ٤٧٣.
(٤) أخرجه البيهقى، فى: باب ما جاء فى الحلف بصفات اللَّه تعالى، من كتاب الأيمان. السنن الكبرى ١٠/ ٤٣. وعبد الرزاق، فى: باب الحلف بالقرآن. . .، من كتاب الأيمان والنذور. المصنف ٨/ ٤٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>