للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعَثَنِى أنَسُ بن مالِك إلى العُشُورِ، فقُلْت: تَبْعَثُنِى إلى العُشورِ من بينِ عُمَّالِك! قال: أمَا تَرْضَى أَنْ أجْعَلَك على ما جَعَلَنِى عليه عمرُ بن الخَطَّاب، رَضِىَ اللَّهُ عنه؟ أمرَنِى أَنْ آخذَ من المسلمين رُبْعَ العُشْرِ، ومن أهلِ الذِّمَّةِ نصفَ العُشْرِ (٦). وهذا كان بالعراقِ. وروَى أبو عُبَيْدٍ، فى كتابِ "الأَمْوالِ" (٧)، بإسْنادِه عن لَاحِقِ بن حُمَيْد، أَنَّ عمرَ بعَثَ عثمانَ ابن حُنَيْفٍ إلى الكُوفَة، فجعلَ على أهلِ الذِّمَّةِ فى أمْوالِهم التى يَخْتلِفُون فيها، فى كلِّ عشرِين درْهمًا درهمًا. وقد ذكَرْنا حديثَ زيِاد بن حُدَيْرٍ (٨)، أَنَّ عمرَ أمَرَه أَنْ يأخُذَ من نَصارَى بنى تَغْلِبَ العُشْرَ، ومن نَصارَى أهلِ الكتابِ نصفَ العُشْرِ. وهذا كان بالعراق، واشتهرَتْ هذه القصصُ ولم تُنْكَرْ، فكانَتْ إجْماعًا، وعمِلَ به الخلفاءُ بعدَه، ولم يأْتِ تَخْصيصُ الحجازِ بنِصْفِ العُشْرِ فى شىءٍ من الأحاديثِ عَلِمْناهُ، لا عن عمرَ ولا عن (٩) غيرِه من أصْحابِ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، بل ظاهِرُ أحادِيثهم، أَنَّ ذلك فى غيرِ الحجازِ، وما وجَبَ من المالِ فى الحجازِ، وجَبَ فى غيرِه، كالدُّيونِ والصَّدَقاتِ.

فصل: ولا تُؤْخَذُ منهم (٩) فى السَّنَةِ إلَّا مرَّةً. نَصَّ عليه أحمدُ، فى روايَةِ جماعَةٍ من أصحابه. وقال: كذا رُوِىَ عن إبراهيمَ النَّخَعِىِّ، عن عمرَ، حين كتبَ، ألَّا يأخذَ فى السَّنَةَ إلَّا مَرَّةً، أَنْ يأخُذَ من الذِّمِّى نصفَ العشرِ. وهذا قولُ الشافِعِىِّ، فى الدَّاخلين أرْضَ الحجازِ. وروَى الإِمامُ أحمدُ، بإسْنادِه، قال: جاء شيخٌ (١٠) نَصْرانِىٌّ إلى عمرَ، فقال: إنَّ عامِلَك عَشَرَنِى فى السَّنَةَ مرَّتَيْن. قال: ومَنْ أَنْتَ؟ قال: أنا الشيخُ النَّصّرانِىُّ. قال عمرُ: وأنا الشيخُ الْحَنِيفُ. ثم كتَبَ إلى عامِلِه، أَنْ لا تَعْشِرُوا (١١) فى السَّنةِ إلَّا مرَّةً (١٢).


(٦) هو الذى تقدم تخريجه فيما اشتهر عن عمر، فى أول المسألة.
(٧) فى: باب أرض العنوة تقر فى أيدى أهلها. . .، من كتاب فتوح الأرضين صلحا. الأموال ٦٨.
كما أخرجه البيهقى، فى: باب قدر الخراج الذى وضع على السواد، من كتاب السير. السنن الكبرى ٩/ ١٣٦. وعبد الرزاق، فى: باب ما أخذ من الأرض عنوة، من كتاب الجزية. المصنف ٦/ ١٠٠، ١٠١.
(٨) تقدم تخريجه، فى صفحة ٢٢٨.
(٩) سقط من: ب.
(١٠) فى م: "رجل".
(١١) فى أ: "تعشر".
(١٢) أخرجه البيهقى، فى: باب لا يؤخذ منهم ذلك فى السنة إلا مرة واحدة. . .، من كتاب الجزية. السنن الكبرى ٩/ ٢١١. وعبد الرزاق، فى: باب صدقة أهل الكتاب، من كتاب أهل الكتاب ٦/ ٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>