للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَلْعَه؛ لأنَّ الجَمِيعَ مِلْكٌ لِلْمَغْصُوبِ منه، فلم يَمْلِكْ غيرُه التَّصَرُّفَ فيه بغيرِ إذْنِه.

فصل: والحُكْمُ فيما إذا بَنَى في الأَرْضِ، كالحُكْمِ فيما إذا غَرَسَ فيها في هذا التَّفْصِيلِ جَمِيعِه، إلَّا أنَّه يَتَخَرَّجُ أنَّه إذا بَذَلَ مالِكُ الأَرْضِ القِيمَةَ لِصَاحِبِ البِنَاءِ أُجْبِرَ على قَبُولِها، إذا لم يكُنْ في النَّقْضِ غَرَضٌ صَحِيحٌ؛ لأنَّ النَّقْضَ سَفَهٌ. والأَوَّلُ أصَحُّ؛ لما رَوَى الخَلَّالُ، بإِسْنادِه عن الزُّهْرِيِّ، عن عُرْوَةَ، عن عائِشَةَ، قالتْ: قال رسولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ بَنَى فِي رِبَاعِ قَوْمٍ، بِإذْنِهِمْ فَلَهُ القِيمَةُ، ومَنْ بَنَى بِغَيْرِ إذْنِهِمْ فَلَهُ النَّقْضُ" (١٠). ولأنَّ ذلك مُعَاوَضَةٌ، فلا يُجْبَرُ عليها. وإذا كانت الآلةُ من تُرَابِ الأَرْضِ وأَحْجَارِهَا، فليس لِلْغاصِبِ النَّقْضُ، على ما ذَكَرْنا في الغَرْسِ.

فصل: وإن غَصَبَ دَارًا، فجَصَّصَها وزَوَّقَها وطَالَبَه رَبُّهَا بإِزَالَتِه، وفي إزَالَتِه غَرَضٌ، لَزِمَهُ إزَالَتُه، وأَرْشُ نَقْصِها إن نَقَصَتْ، وإن لم يكُنْ فيه غَرَضٌ، فوَهَبَهُ الغاصِبُ لِمَالِكِها، أُجْبِرَ على قَبُولِه؛ لأنَّ ذلك صِفَةٌ في الدَّارِ، فأشْبَهَ قُصَارَةَ الثَّوْبِ. ويَحْتَمِلُ أن لا يُجْبَرَ؛ لأنَّها أعْيَانٌ مُتَمَيِّزَةٌ، فصارَتْ بِمَنْزِلَةِ القُمَاشِ. وإن طَلَبَ الغاصِبُ قَلْعَه، ومَنَعَهُ المالِكُ، وكان له قِيمَةٌ بعدَ الكَشْطِ، فلِلْغاصِبِ قَلْعُه، كما يَمْلِكُ قَلْعَ غِرَاسِه، سواءٌ بَذَلَ له المالِكُ قِيمَتَهُ، أو لم يَبْذلْ. وإن لم يكُنْ له قِيمَةٌ، ففيه وَجْهانِ؛ أحَدُهما، يَمْلِكُ قَلْعَه؛ لأنَّه عَيْنُ مَالِه. والثانى، لا يَمْلِكُ؛ لأنَّه سَفَهٌ يَضُرُّ ولا يَنْفَعُ، فلم يُجْبَرْ عليه (١١).

فصل: وإن غَصَبَ أَرْضًا، فكَشَطَ تُرَابَها، لَزِمَهُ رَدُّه وفَرْشُه على ما كان، إن طَلَبَه المالِكُ، وكان فيه غَرَضٌ صَحِيحٌ، وإن لم يكُنْ فيه غَرَضٌ، فهل يُجْبَرُ على فَرْشِه؟


(١٠) أخرجه البيهقي، في: باب من بنى أو غرس في أرض غيره، من كتاب الغصب. السنن الكبري ٦/ ٩١. وابن عدى، في الكامل ٥/ ١٦٦٩.
(١١) في م زيادة: "وإن بذل المالك له قيمته ليتركه".

<<  <  ج: ص:  >  >>