للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّعْي. فعلى هذا، له إبْدَالُها بمِثْلِها. وإن تَلِفَ بعضُها، لم يَنْفَسِخِ العَقْدُ فيه، وكان له إبْدَالُه. وإن وَقَعَ العَقْدُ على مَوْصُوفٍ في الذَّمّةِ، فلا بُدَّ من ذِكْرِ جِنْسِ الحَيَوانِ ونَوْعِه، إبِلًا، أو بَقَرًا، أو غَنَما، أو ضَأْنًا، أو مَعْزًا. وإن أطْلَقَ ذِكْرَ البَقَرِ والإِبِل، لم يَتَنَاوَل الجَوَامِيسَ والبَخَاتِيَّ؛ لأنَّ إطْلَاقَ الاسْمِ لا يَتَنَاوَلُها عُرْفًا. وإن وَقَعَ العَقْدُ في مكانٍ يَتَنَاوَلُها إطْلَاقُ الاسْمِ، احْتاجَ إلى ذِكْرِ نَوْعِ ما يَرَاه منها، كالغَنَمِ؛ لأنَّ كلَّ نَوْعٍ له أثَرٌ في إتْعَابِ الرّاعِى، ويَذْكُرُ الكِبَرَ والصِّغَرَ، فيقول: كِبَارًا أو سِخَالًا، أو عَجَاجِيلَ أو فُصْلَانًا، إلَّا أن يكونَ ثَمَّ (٩) قَرِينَةٌ، أو عُرْفٌ صارِفٌ إلى بعضِها، فيُغْنِى عن الذِّكْرِ. وإذا عَقَدَ على عَدَدٍ (١٠) مَوْصُوفٍ كالمائةِ، لم يَجِبْ عليه رَعْىُ زِيَادةٍ عليها، لا من سِخَالِها ولا من غيرِها. وإن أطْلَقَ العَقدَ ولم يَذْكُرْ عَدَدًا، لم يَجُزْ. وهذا ظاهِرُ مذهبِ الشافِعِيِّ. وقال القاضي: يَصِحُّ، ويُحْمَلُ على ما جَرَتْ به العادَةُ، كالمائةِ من الغَنَمِ ونحوها. وهو قولُ بعضِ أصْحابِ الشافِعِيِّ. والأَوَّلُ أصَحُّ؛ لأنَّ العادَةَ في ذلك تَخْتَلِفُ وتَتَبايَنُ كثيرًا، إذ العَمَلُ (١١) يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِه.

فصل: فيما تجوزُ إجَارَتُه، تجوزُ إجارَةُ كلِّ عَيْنٍ يُمْكِنُ أن يُنْتَفَعَ بها مَنْفَعةً مُبَاحةً، مع بَقَائِها بحُكْمِ الأصْلِ، كالأرْضِ، والدَّارِ، والعَبْدِ، والبَهِيمَةِ، والثِّيابِ، والفَسَاطِيطِ، والحِبَالِ، والخِيَامِ، والمَحَامِلِ، والسُّرُوجِ (١٢)، واللُّجُمِ (١٣)، والسَّيْفِ، والرُّمْحِ، وأشْبَاهِ ذلك. وقد ذَكَرْنا كثيرًا ممَّا تجوزُ إجَارَتُه في مَوَاضِعِه. وتجوزُ إجَارةُ الحَلْىِ. نَصَّ عليه أحمدُ، في رِوَايةِ ابْنِه عبد اللَّه. وبهذا قال الثَّوْرِيُّ، والشافِعِيُّ، وإسحاقُ، وأبو ثَوْرٍ، وأصْحابُ الرَّأْى. ورُوِى عن أحمدَ، أنَّه قال في إجَارَةِ الحَلْىِ: ما أدْرِى ما هو؟ قال القاضي: هذا (١٤) مَحْمُولٌ على إجَارَتِه بأُجْرَةٍ


(٩) سقط من: الأصل.
(١٠) سقط من: ب.
(١١) في الأصل: "والعمل".
(١٢) في ب، م: "والسرج".
(١٣) في ب، م: "واللجام".
(١٤) في ب، م: "هو".

<<  <  ج: ص:  >  >>