للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: وإن أَوْصَى لِرَجُلٍ بدِينارٍ من غَلَّةِ دارِه، وغَلَّتُها دِينَارانِ، صَحَّ. فإن أرَادَ الوَرَثةُ بَيْعَ نِصْفِها وتَرْكَ النِّصْفِ الذي أَجْرُه دِينَارٌ، فله مَنْعُهُم منه؛ لأنَّه يجوزُ أن يَنْقُصَ أجْرُه عن الدِّينارِ. وإن كانت الدَّارُ لا تَخْرُجُ من الثُّلُثِ، فلهم بَيْعُ ما زادَ عليه، وعليهم تَرْكُ الثُّلُثِ. فإن كانتْ غَلَّتُه دِينَارًا، أو أقَلَّ، فهو لِلْمُوصَى له، وإن كانت أكْثَرَ، فله دِينارٌ، والباقِى لِلْوَرَثةِ.

فصل: وتَصِحُّ الوَصِيّةُ بما لا يَقْدِرُ على تَسْلِيمِه، كالعَبْدِ الآبِقِ، والجَمَلِ الشَّارِدِ، والطَّيْرِ في الهَواء، والسَّمَكِ في الماءِ؛ لأنَّ الوَصيّةَ إذا صَحَّتْ بالمَعْدُومِ فبذلك أَوْلَى. ولأنَّ الوَصِيَّةَ أُجْرِيَتْ مُجْرَى المِيراثِ، وهذا يُورَثُ، فيُوصَى به؛ فإن قَدَرَ عليه أخَذَه، وسَلَّمَه إذا خَرَجَ من الثُّلُثِ، ولِلْوَصِيِّ السَّعْىُ في تَحصِيلِه، فإن قَدَرَ عليه أخَذَه إذا خَرَجَ من الثُّلُثِ.

٩٦٧ - مسألة؛ قال: (وَإذَا أَوْصَى بجَارِيَةٍ لِبِشْرٍ، ثُمَّ أَوْصَى بِهَا لِبَكْرٍ، فَهِىَ بَيْنَهُما)

وجُمْلَةُ ذلك، أنَّه إذا أَوْصَى لِرَجُلٍ بمُعَيَّنٍ من مالِه، ثم وَصَّى به لآخَرَ، أو وَصَّى له بِثُلُثِه، ثم وَصَّى لآخَرَ بِثُلُثِه، أو وَصَّى بِجَمِيعِ مالِه لِرَجُلٍ، ثم وَصَّى به لآخَرَ، فهو بينهما. ولا يكونُ ذلك رُجُوعًا في الوَصِيَّةِ الأُولَى. وبهذا قال رَبِيعَةُ، ومالِكٌ، والثَّوْرِىُّ، والشافِعِيُّ، وإسحاقُ، وابنُ المُنْذِرِ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وقال جابِرُ بن زَيْدٍ، والحَسَنُ، وعَطاءٌ، وطاوُسٌ، ودَاوُدُ: وَصِيَّتُه للآخِرِ منهما؛ لأنَّه وَصَّى للثانِى بما وَصَّى به للأَوَّلِ، فكان رُجُوعًا، كما لو قال: ما وَصَّيْتُ به لِبِشْرٍ فهو لِبَكْرٍ. ولأنَّ الثانية تُنافِى الأُولَى، فإذا أَتَى بها كان رُجُوعًا، كما لو قال: هذا لِوَرَثَتِى. ولَنا، أنَّه وَصَّى لهما بها، فاسْتَوَيا فيها، كما لو قال لهما: وَصَّيْتُ لكما بالجارِيَةِ. وما قَاسُوا عليه صَرَّحَ فيه بالرُّجُوعِ عن وَصِيَّتِه لِبِشْرٍ، وفي مَسْأَلَتِنا يَحْتَمِلُ أنَّه قَصَدَ التَّشْرِيكَ، فلم تَبْطُلْ وَصِيّةُ الآخَر بالشَّكِّ.

فصل: وإن وَصَّى بعَبْدٍ لِرَجُلٍ، ثم وَصَّى لآخَرَ بثُلُثِه، فهو بينهما أرْباعًا. وعلى

<<  <  ج: ص:  >  >>