للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرِّوَايَتَيْنِ. وهو قولُ الشّافِعِىّ. ويَصِحُّ في الأُخْرَى. وبه قال مالِكٌ، والأَوْزَاعِىُّ، وأبو حنيفةَ؛ لأنَّه قد تَعَلَّقَ حَقُّ المُضَارِبِ به، فجازَ له شِرَاؤُه، وكما لو اشْتَرَى من مُكَاتَبِه أو من عَبْدِه المَأْذُونِ الذي عليه دَيْنٌ. ولَنا، أنَّه مَلَكَهُ، فلم يَصِحَّ شِرَاؤُه له، كشِرَائِه من وَكِيله وعَبْدِه المَأْذُونِ الذي لا دَيْنَ عليه. وفارَقَ المُكَاتَبَ؛ فإنَّ (٨) السَّيِّدَ لا يَمْلِكُ ما في يَدِه، ولهذا لا يُزَكِّيه، وله أخْذُ ما فيه شُفْعَةٌ بها. فأمَّا المَأْذُونُ له، فلا يَصِحُّ شِرَاءُ سَيِّدِه منه بحالٍ. ويَحْتَمِلُ أن يَصِحَّ إذا اسْتَغْرَقَتْه الدُّيُونُ؛ لأنَّ الغُرَماءَ يأخُذُونَ ما في يَدِه. والصَّحِيحُ الأَوَّلُ؛ لأنَّ مِلْكَ السَّيِّدِ لم يَزُلْ عنه، وإن اسْتَحَقَّ أخْذَه، كمَالِ المُفْلِسِ.

فصل: وإن اشْتَرَى المُضَارِبُ لِنَفْسِه من مالِ المُضَارَبةِ، ولم يَظْهَرْ في المالِ رِبْحٌ، صَحَّ. نَصَّ عليه أحمدُ. وبه قال مالِكٌ، والثَّوْرِىُّ، والأَوْزَاعِىُّ، وإسحاقُ. وحُكِىَ ذلك عن أبي حنيفةَ. وقال أبو ثَوْرٍ: البَيْعُ باطِلٌ؛ لأنَّه شَرِيكٌ. ولَنا، أنَّه مِلْكٌ لغيرِه، فصَحَّ شِرَاؤُه له، كما لو اشْتَرَى الوَكِيلُ من مُوَكِّلِه، وإنَّما يكونُ شَرِيكًا إذا ظَهَرَ رِبْحٌ؛ لأنَّه إنَّما (٩) يُشَارِكُ رَبَّ المالِ في الرِّبْحِ، لا في أصْلِ المالِ، ومتى ظَهَرَ في المالِ رِبْحٌ (١٠) كان شِرَاؤُه كشِرَاءِ أحَدِ الشَّرِيكَيْنِ، على ما سَنَذْكُرُه.

فصل: وإن اشْتَرَى أحَدُ الشَّرِيكَيْنِ من مالِ الشَّرِكَةِ شيئا، بَطَلَ في قَدْرِ حَقِّه؛ لأنَّه مِلْكُه، وهل يَصِحُّ في حِصَّةِ شَرِيكِه؟ على وَجْهَيْنِ، بِنَاءً على تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ. وتَتَخَرَّجُ الصِّحَّةُ في الجَمِيعِ، بنَاءً على أنَّ لِرَبِّ المالِ أن يَشْتَرِىَ من مالِ المُضَارَبةِ لِنَفْسِه. وإن اشْتَرَى أحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّةَ شَرِيكِه منه، جازَ؛ لأنَّه يَشْتَرِى مِلْكَ غيرِه. وقال أحمدُ. في الشَّرِيكَيْنِ في الطَّعَامِ، يُرِيدُ أحَدُهما بَيْعَ حِصَّتِه من صَاحِبِه: إن لم يَكُونا يَعْلَمانِ كَيْلَهُ فلا [بَأْسَ، وإن عَلِمَا كَيْلَه فلا] (١١) بُدَّ من كَيْلِه، يعني أنَّ مَن عَلِمَ مَبْلَغَ شيءٍ (١٢) لم يَبِعْه


(٨) في الأصل: "لأن".
(٩) سقط من: الأصل، ب، م.
(١٠) في الأصل: "الربح".
(١١) سقط من: ب، م.
(١٢) في أ، ب، م: "بشيء".

<<  <  ج: ص:  >  >>