للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القولُ قولُ المُقَرِّ له؛ لأنَّه اعْتَرَفَ له بالأَلْفِ، وادَّعَى عليه مَبِيعًا، فأَشْبَه ما إذا قال: هذا رَهْنٌ. فقال المالِكُ: وَدِيعَةٌ. أو له عَلَىَّ أَلْفٌ ولِى عنده مَبِيعٌ لم أَقْبِضْهُ. والثانى، القولُ قولُ المُقِرِّ. قال القاضي: هو قِياسُ المَذْهَبِ. وهو قولُ الشّافِعِىِّ، وأبى يوسفَ؛ لأنَّه أقَرَّ بحَقٍّ في مُقَابَلَةِ حَقٍّ له، ولا يَنْفَكُّ أحَدُهما عن الآخَرِ، فإذا لم يُسَلِّمْ له مالَه، لم يُسَلِّمْ لِلْمُقَرِّ له ما عليه، كما لو قال لِرَجُلٍ: بِعْتُكَ هذا العَبْدَ بأَلْفٍ. قال: بَلْ مَلَّكْتَنِيه بغير شيءٍ. وفارَقَ ما لو قال له: عِنْدِى رَهْنٌ. فقال المالِكُ: بل وَدِيعَةٌ؛ لأنَّ الدَّيْنَ يَنْفَكُّ عن الرَّهْنِ. ولو قال السَّيِّدُ لِعَبْدِه: بِعْتُكَ نَفْسَكَ بأَلْفٍ. فأَنْكَرَ العَبْدُ. عُتِقَ، ولا شىءَ لِلْمُقِرِّ؛ لأنَّ العَتْقَ يَنْفَكُّ عن الثَّمَنِ. ولا فَرْقَ بين أن يقولَ: لم أَقْبِضْهُ. مُنْفَصِلًا أو مُتَّصِلًا. فلو قال: له عَلَىَّ أَلْفٌ من ثَمَنِ مَبِيعٍ. ثم سَكَتَ، ثم قال: لم أَقْبِضْهُ. فَيُقْبَلُ قَوْله، كما لو كان مُتَّصِلًا؛ لأنَّ إِقْرَارَهُ تَعَلَّقَ بالمَبِيعِ، والأَصْلُ عَدَمُ القَبْضِ، فقبِلَ قَوْلُه فيه. فأمَّا إن قال: عَلَىَّ أَلْفٌ. ثم سَكَتَ، ثم قال: مِن ثَمَنِ مَبِيعٍ. لم يُقْبَلْ؛ لأنَّه فَسَّرَ إِقْرَارَه بما يُسْقِطُ وُجُوبَ تَسْلِيمِه بكَلَامٍ مُنْفَصِلٍ، فلم يُقْبَلْ، كما لم (٣) يُقْبَلْ لو قال: له عَلَىَّ أَلْفٌ. ثم سَكَتَ، ثم قال: مُؤَجَّلٌ.

فصل: وإذا قال: بِعْتُكَ جَارِيَتِى هذه. قال: بَلْ زَوَّجْتَنِيها. فلا يَخْلُو؛ إمَّا أن يكونَ اخْتِلَافُهما قبلَ نَقْدِ الثمَنِ أو بعدَه، وقبلَ الاسْتِيلَادِ أو بعدَه، فإن كان بعدَ اعْتِرَافِ البائِعِ بِقَبْضِ الثمَنِ، فهو مُقِرٌّ بها لِمُدَّعِى الزَّوْجِيَّةِ؛ لأنَّه يَدَّعِى عليه شيئا، والزَّوْجُ يُنْكِرُ أنَّها مِلْكُه، ويَدَّعِى حِلَّها له (٤) بالزَّوْجِيَّةِ، فيَثْبُتُ الحِلُّ؛ لِاتِّفَاقِهِما عليه، ولا تُرَدُّ إلى البائِعِ لِاتِّفَاقِهِما على أنَّه لا يَسْتَحِقُّ أخْذَها. وإن كان قبلَ قَبْضِ الثَّمَنِ وبعدَ الاسْتِيلَادِ، فالبائِعُ يُقِرُّ أنَّها صارَتْ أُمَّ وَلَدٍ، وَوَلَدُها حُرٌّ، وأنَّه لا مَهْرَ له، ويَدَّعِى الثّمَنَ، والمُشْتَرِى يُنْكِرُ ذلك كلَّه، فيُحْكَمُ بحُرِّيَّةِ الوَلَدِ؛ لإِقْرَارِ من يُنْسَبُ إليه مِلْكُه بِحُرِّيَّتِه، ولا وَلَاءَ عليه؛ لِاعْتِرَافِه بأنَّه حُرُّ الأَصْلِ، ولا تُرَدُّ الأَمَةُ إلى البائِعِ؛ لإِقْرَارِه


(٣) سقط من: الأصل، أ.
(٤) سقط من: أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>