للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وطالقٌ، فدخَلتِ الدَّارَ، طَلُقَتْ ثلاثًا. وبه قال أبو يوسفَ، ومحمّدٌ، وأصحابُ الشَّافعىِّ فى أحَدِ الوَجْهينِ. وقال أبو حنيفةَ: يقعُ واحدةٌ؛ لأنَّ الطَّلاقَ المُعَلَّقَ إذا وُجدتِ الصِّفةُ، يكونُ كأنَّه أوْقَعَه فى تلك الحالِ على صِفَتِه، ولو أوْقعَه كذلك، لم يَقَعْ إلَّا واحدةٌ. ولَنا، أنَّه وُجِدَ شَرْطُ وُقوعِ ثلاثِ طَلقاتٍ، غيرِ مُرَتَّباتٍ، فوقعَ الثَّلاثُ، كالتى قبلَها. وإن قال: إذا (٣٦) دخَلْتِ الدَّارَ فأنتِ طالقٌ طلقةً معها طَلْقتانِ. فدخَلتْ، طَلُقَتْ ثلاثًا. وذكَرَ مثلَ هذا بعضُ أصْحابِ الشَّافعىِّ، ولم يَحْكِ عنهم فيه خلافًا.

فصل: وإن قال لغيرِ مَدْخُولٍ بها: أنتِ طالقٌ ثم طالقٌ ثم طالقٌ، إن دخَلْتِ الدَّارَ. أو: إن دخَلْتِ الدَّارَ فأنتِ طالقٌ ثم طالقٌ ثم طالقٌ. أو: إن دخلتِ فأنتِ طالقٌ فطالقٌ فطالقٌ (٣٧). فدخَلَتْ، طَلُقَتْ واحدةً، فبانَتْ بها، ولم يقَعْ غيرُها (٣٨). وبهذا قال الشَّافعىُّ. وذهبَ القاضى إلى أنَّها تَطْلُقُ فى الحالِ واحدةً، تَبينُ بها. وهو قولُ أبى حنيفةَ فى الصُّورةِ الأُولى؛ لأنَّ "ثُمَّ" تقْطعُ الأُولَى عما بعدَها، لأَنَّها للمُهْلَةِ، فتكونُ الأُولى مُوقَعَةً، والثَّانيةُ مُعَلَّقةً (٣٩) بالشَّرْطِ. وقال أبو يوسفَ ومحمدٌ: لا يَقَعُ حتى تَدْخُلَ الدَّارَ، فيقَعَ بها ثلاثٌ؛ لأنَّ دُخولَ الدَّارِ شَرْطٌ لثَلاثٍ، فوقَعتْ، كما لو قال: إن دخَلْتِ الدَّارَ فأنتِ طالقٌ وطالقٌ وطالقٌ. ولَنا، أَنَّ "ثُمَّ" للعطِف، وفيها تَرْتيبٌ، فتعلَّقتِ التَّطْليقاتُ كلُّها بِالدُّخولِ؛ لأنَّ العطفَ لا يَمْنعُ تَعْليقَ (٤٠) الشَّرطِ بالمعْطوفِ عليه (٤١)، ويَجِبُ التَّرْتيبُ فيها، كما يجبُ لو لم يُعلِّقْه بالشَّرْطِ، وفى هذا انْفِصالٌ عما ذكَرُوه، ولأنَّ الأُولَى تَلِى الشَّرْطِ، فلم يجبُ وُقوعُها بدُونِه، كما لو (٤٢) لم يَعْطِفْ عليها،


(٣٦) فى أ: "إن".
(٣٧) فى أزيادة: "أو: إن دخلت فأنت طالق ثم طالق طالق. أو: أنت طالق فطالق طالق".
(٣٨) فى الأصل: "غيره".
(٣٩) فى أ: "متعلقة".
(٤٠) فى الأصل: "تعلق".
(٤١) فى أزيادة: "كما لو قال: أنت طالق ثم طالق ثم طالق إن دخلت الدار".
(٤٢) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>