للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكل واحدٍ من فُلانٍ وفُلانٍ بِنِصْفِ الثُّلُثِ، أو بِنِصْفِ المائةِ، أو بخَمْسِينَ. لم يَسْتَحِقَّ أحَدُهُما أكثَرَ من نِصْفِ الوَصِيَّةِ، سواءٌ كان شَرِيكُه حَيًّا أو مَيِّتًا؛ لأنَّه عَيَّنَ وَصِيَّتَه في النِّصْفِ، فلم يكُنْ له حَقٌّ فيما سِوَاهُ.

٩٥٩ - مسألة؛ قال: (وَإنْ رَدَّ الْمُوصَى لَهُ الْوَصِيّةَ، بَعْدَ مَوْتِ المُوصِى، بَطَلَتِ الْوَصِيّةُ)

لا يَخْلُو (١) رَدُّ الوَصِيّةِ من أرْبَعةِ أحْوالٍ؛ أحدها، أن يَرُدَّها قبل مَوْتِ المُوصِى، فلا يَصِحُّ الرَّدُّ ههُنا؛ لأنَّ الوَصِيَّةَ لم تَقَع بعدُ، فأَشْبَه رَدَّ المَبِيعِ قبلَ إيجابِ البَيْعِ، ولأنَّه ليس بمَحَلٍّ لِلْقَبُولِ، فلا يكونُ مَحَلًّا للرَّدِّ، كما قبل الوَصِيّةِ. والثانية، أن يَرُدَّها بعدَ المَوْتِ، وقبلَ القَبُولِ، فيَصِحُّ الرَّدُّ، وتَبْطُلُ الوَصِيّةُ. لا نَعْلَمُ فيه خِلَافًا (٢)؛ لأنَّه أسْقَطَ حَقَّه في حالٍ يَمْلِكُ قَبُولَه وأخْذَه، فأشْبَهَ عَفْوَ الشَّفِيعِ عن الشُّفْعةِ بعدَ البَيْعِ. والثالثة، أن يَرُدَّ بعدَ القَبُولِ والقَبْضِ، فلا يَصِحُّ الرَّدُّ؛ لأنَّ مِلْكَه قد اسْتَقَرَّ عليه، فأشْبَهَ رَدَّه لسائِرِ مِلْكِه، إلَّا أن يَرْضَى الوَرَثةُ بذلك، فتكونَ هِبَةً منه لهم تَفْتَقِرُ إلى شُرُوطِ الهِبَةِ. والرابعة، أن يَرُدَّ بعدَ القَبُولِ وقبلَ القَبْضِ، فيُنْظَرُ؛ فإن كان المُوصَى به مَكِيلًا أو مَوْزُونًا، صَحَّ الرَّدُّ؛ لأنَّه لا يَسْتَقِرُّ مِلْكُه عليه قبلَ قَبْضِه، فأشْبَهَ رَدَّه قبلَ القَبُولِ، وإن كان غيرَ ذلك، لم يَصِحَّ الرَّدُّ؛ لأنَّ مِلْكَه (٣) قد اسْتَقَرَّ عليه، فهو كالمَقْبُوضِ. ويَحْتَمِلُ أن يَصِحَّ الرَّدُّ، بِناءً على أنَّ القَبْضَ مُعْتَبَرٌ فيه. ولأَصْحابِ الشافِعِىِّ في هذه الحال وَجْهانِ؛ أحدهما، يَصِحُّ الرَّدُّ في الجميعِ، ولا فَرْقَ بين المَكِيلِ والمَوْزُونِ وغيرِهِما. وهذا المَنْصُوصُ عن الشافِعِىِّ؛ لأنَّهم لمَّا مَلَكُوا الرَّدَّ من غيرِ قَبُولٍ، مَلَكُوا الرَّدَّ من غيرِ قَبْضٍ، ولأنّ مِلْكَ الوَصِىِّ لم يَسْتَقِرَّ عليه قبلَ القَبْضِ، فصَحَّ رَدُّهُ، كما قبلَ القَبُولِ. والثانى، لا يَصِحُّ الرَّدُّ؛ لأنَّ المِلْكَ يَحْصُلُ بالقَبُولِ من غيرِ قَبْضٍ.


(١) في م زيادة: "إذا".
(٢) في الأصل: "اختلافا".
(٣) في أ: "الملك".

<<  <  ج: ص:  >  >>