للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نِصْفُ الوَصِيَّةِ، سواءٌ عَلِمَ مَوْتَ المَيِّتِ أو جَهِلَه. وهذا قولُ أبى حنيفةَ، وإسحاقَ، والبَصْرِيِّينَ. وقال الثَّوْرِىُّ، وأبو يوسفَ، ومحمدٌ: إذا قال: هذه المائةُ لِفُلانٍ وفُلانٍ. فهى لِلْحَىِّ منهما. وإن قال: بين فُلانٍ وفُلانٍ. فوَافَقنَا الثَّوْرِىُّ في أن نِصْفَها لِلْحَىِّ. وعن الشافِعِىِّ كالمَذهَبَيْنِ. وقال أبو الخَطَّابِ: عِنْدِى أنَّه إذا عَلِمَه مَيِّتًا، فالجَمِيعُ لِلْحَىِّ، وإن لم يَعْلَمْه مَيِّتًا، فلِلْحَىِّ النِّصْفُ. وقد نُقِلَ عن أحمدَ ما يَدُلُّ على هذا القَوْلِ. فإنَّه (٢) قال، في رِوَايةِ ابنِ القاسِمِ: إذا أَوْصَى لِفُلانٍ وفُلانٍ بمائةٍ، فبَانَ أحَدُهُما مَيِّتًا، فلِلْحَىِّ خَمْسُونَ. فقِيلَ له: أليس إذا قال: ثُلُثِى لِفُلانٍ وللحائِطِ، أنَّ الثُّلُثَ كلَّه لِفُلانٍ؟ فقال: وأىُّ شيءٍ يُشْبِه هذا، الحائِطُ له مِلْكٌ! فعلى هذا متى (٣) شَرَّكَ بين من تَصِحُّ الوَصِيّةُ له ومَن لا تَصِحُّ، مثل أن يُوصِىَ لِفُلانٍ أو لِلملكِ (٤) ولِلْحائِط، أو لِفْلانٍ المَيِّتِ، فالمُوصَى به كلُّه لمن تَصِحُّ الوَصِيّةُ له، إذا كان عالِمًا بالحالِ؛ لأنّه إذا شَرَّكَ بينهما في هذه الحالِ، عُلِمَ أنَّه قَصَدَ بالوَصِيَّةِ كلِّها مَنْ تَصِحُّ الوَصِيَّةُ له. وإن لم يَعْلَم الحالَ، فلمَن تَصِحُّ الوَصِيّةُ له نِصْفُها؛ لأنَّه قَصَدَ إيصالَ نِصْفِها إليه، وإلى الآخَرِ النِّصْفِ الآخَر (٥)، ظَنًّا منه أنَّ الوَصِيّةَ له صَحِيحَةٌ، فإذا بَطَلَتِ الوَصِيّةُ في حَقِّ أحَدِهِما، صَحَّتْ في حَقِّ الآخَر بِقِسْطِه، كتَفْرِيقِ الصَّفْقةِ. ووَجْهُ القولِ الأَوَّلِ، أنَّه جَعَلَ الوَصِيّةَ لِاثْنَيْنِ، فلم يَسْتَحِقَّ أحَدُهُما جَمِيعَها، كما لو كانا ممَّن تَصِحُّ الوَصِيّةُ لهما فماتَ أحَدُهُما، أو كما لو لم يَعْلَمْ الحالَ. فأمَّا إن وَصَّى لِاثْنَيْنِ حَيَّيْنِ، فماتَ أحَدُهُما، فللآخَر نِصْفُ الوَصِيَّةِ. لا نَعْلَمُ في هذا خِلَافًا. وكذلك لو بَطَلَتِ الوَصِيّةُ في حَقِّ أحَدِهِما؛ لِرَدِّه لها، أو لِخُرُوجِه عن أن يكونَ من أهْلِها. ولو قال: أوْصَيْتُ


(٢) سقط من: م.
(٣) في م: "إذا".
(٤) في م: "وللملك".
(٥) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>