للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأُذُنِ. وهو قولُ أصحابِ الرَّأْىِ. وكذلك قولُ الأوَّلِين إذا اخْتارَ الدِّيَةَ. وقال مالكٌ: لا عَقْلَ لها إذا عادَتْ مَكانَها، فأمَّا إن قَطَعَ بعضَ أُذُنِه فالْتَصَقَ، فله أرْشُ الجُرْحِ، ولا قِصاصَ فيه. وإن قَطَعَ أذُنَ إنسانٍ، فاسْتَوْفَى منه، فأَلْصَقَ الجانِى أُذُنَه فالْتَصَقَتْ، وطَلَبَ المَجْنِىُّ عليه إبانَتَها، لم يكُنْ له ذلك؛ لأنَّ الإِبانةَ قد حَصَلَتْ، والقِصاصُ قد اسْتُوفِىَ، فلم يَبْقَ له قِبَلَه حَقٌّ. فأمَّا إن كان المَجْنِىُّ عليه لم يَقْطَعْ جَمِيعَ الأذُنِ، إنَّما قَطَعَ بعضَها فالْتَصَقَ، كان للمَجْنِىِّ عليه قَطْعُ جَمِيعِها؛ لأنَّه اسْتَحَقَّ إبانةَ جَمِيعِها، ولم يكُنْ (١٠) إبانةٌ. والحكمُ في السِّنِّ كالحُكْمِ في الأذُنِ.

فصل: ومَنْ ألْصَقَ أُذُنَه بعدَ إبانَتِها، أو سِنَّهُ، فهل تَلْزَمُه إبَانَتُها؟ فيه وَجْهان، مَبْنيَّانِ على الرّوايتَيْنِ، فيما بانَ من الآدَمِىِّ، هل هو نَجِسٌ أو طاهِرٌ؟ إن قُلْنا: هو نَجِسٌ. لَزِمَتْه إزالَتُها، [ما لم يَخَفِ الضَّرَرَ بإزَالَتِها، كما لو جَبَرَ عَظْمَه بعَظْمٍ نَجِسٍ. وإن قُلْنا بطَهارَتِها. لم تَلْزَمْه إزالَتُها] (١١). وهذا اختيارُ أبى بكرٍ، وقولُ عَطاءِ بن أبي رباحٍ، وعَطاءٍ الخُراسانىِّ، وهو الصحيحُ؛ لأنَّه جُزْءُ آدَمِىٍّ طاهِرٍ في حياتِه ومَوْتِه، فكان طاهِرًا كحالةِ اتِّصالِه، فأمَّا إن قَطَعَ بعضَ أذُنِه فالْتصَقَتْ (١٢)، لم تَلْزَمْه إبانَتُها؛ لأنَّها طاهِرَةٌ على الرّوايتَيْن جَميعًا، لأنَّها لم تَصِرْ مَيْتَةً، لعَدَمِ إبانتِها. ولا قِصاصَ فيها. قالَه القاضي. وهو مذهبُ الشافعىِّ؛ لأنَّه لا يُمْكِنُ المُماثَلةُ في المَقْطُوعِ منها.

١٤٤٥ - مسألة؛ قال: (وَالْأَنْفُ بِالْأَنْفِ)

وأجْمَعُوا على جَرَيانِ القِصَاصِ في الأنْفِ أيضًا؛ للآيةِ والمَعْنَى. ويُؤْخَذُ الكبيرُ بالصَّغيرِ، والأَقْنَى (١) بالأَفْطَسِ، وأنْفُ الأَشَمِّ بأَنْفِ الأَخْشَمِ الذي لا يَشُمُّ؛ لأنَّ ذلك لِعِلَّةٍ في الدِّمَاغِ والأَنْفُ صَحِيحٌ. كما تُؤْخَذُ أذنُ السَّمِيعِ بأُذُنِ الأصَمِّ. وإن كان


(١٠) في ب زيادة: "له".
(١١) سقط من: ب. نقل نظر.
(١٢) في م: "فالتصق".
(١) القنا في الأنف: ارتفاع أعلاه واحديداب وسطه وسبوغ طرفه أو نتوء وسط القصبة وضيق المنخرين.

<<  <  ج: ص:  >  >>