للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كبَيْعِ الشَّاتَيْنِ. والثانى، إن كانت الباقِيَةُ تُسَاوِى دِينَارًا جَازَ، لِحَدِيثِ عُرْوَةَ [بن الجَعْدِ] (٤٠) البارِقِىِّ، ولأنَّه حَصَّلَ له المَقْصُودَ، والزِّيادَةُ لو كانت غيرَ الشّاةِ جَازَ، فجازَ له إِبْدَالُها بغيرِها وظَاهِرُ كلامِ أحمدَ صِحَّةُ البَيْعِ؛ لأنَّه أخَذَ بحَدِيثِ عُرْوَةَ وذَهَبَ إليه. وإذا قُلْنا: لا يجوزُ له بَيْعُ الشّاةِ. فبَاعَها، فهل يَقَعُ البَيْعُ باطِلًا أو صَحِيحًا مَوْقُوفًا على إجَازَةِ المُوَكِّلِ؟ على روَايَتَيْنِ. وهذا أصْلٌ لكلِّ مَنْ تَصَرَّفَ في مِلْكِ غيرِه بغيرِ إِذْنِه، ووَكِيلٍ خالَفَ (٤١) مُوَكِّلَهُ، هل يَقَعُ باطِلًا أو يَصِحُّ ويَقِفُ على إِجَازَةِ المالِكِ؟ فيه رِوَايتَانِ. وللشَّافِعِىِّ في صِحَّةِ البَيْعِ ههُنا وَجْهانِ.

فصل: وإذا وَكَّلَهُ في شِرَاءِ سِلْعَةٍ مَوْصُوفةٍ، لم يَجُزْ أن يَشْتَرِيَها إلَّا سَلِيمَةً؛ لأنَّ إِطْلَاقَ البَيْعِ يَقْتَضِى السَّلَامةَ، ولذلك جازَ الرَّدُّ بالعَيْبِ. فإن اشْتَرَى مَعِيبًا يَعْلَمُ عَيْبَهُ، لم يَلْزَمِ المُوَكِّلَ؛ لأنَّه اشْتَرَى غيرَ ما أَذِنَ له فيه، وإن لم يَعْلَمْ عَيْبَهُ، صَحَّ البَيْعُ، لأنَّه إنَّما يَلْزَمُه شِرَاءُ الصَّحِيحِ في الظّاهِرِ، لِعَجْزِه عن التَّحَرُّزِ عن شِرَاءِ مَعِيبٍ لا يَعْلَمُ عَيْبَه، فإذا عَلِمَ عَيْبَه مَلَكَ رَدَّهُ؛ لأنَّه قائِمٌ في الشِّرَاءِ مَقَامَ المُوَكِّلِ، ولِلْمُوَكِّلِ رَدُّه أيضًا؛ لأنَّ المِلْكَ له، فإنَّ حَضَرَ قبلَ رَدِّ الوَكِيلِ، ورَضِىَ بالعَيْبِ، لم يكُنْ لِلْوَكِيلِ رَدُّه، لأنَّ الحَقَّ له، بِخِلَافِ المُضَارِبِ، فإنَّ له الرَّدَّ وإن رَضِىَ رَبُّ المالِ؛ لأنَّ له حَقًّا فلا يَسْقُطُ بِرِضَى غيرِه، وإن لم يَحْضُرْ، فأَرَادَ الوَكِيلُ الرَّدَّ، فقال له البائِعُ: تَوَقَّفْ حتى يَحْضُرَ المُوَكِّلُ، فرُبّما رَضِىَ بالعَيْبِ. لم يَلْزَمْهُ ذلك؛ لأنَّه لا يَأْمَنُ فوَاتَ الرَّدِّ لِهَرَبِ البائِعِ، وفوَاتَ الثَّمنِ بِتَلَفِه، وإن أَخَّرَهُ بنَاءً على هذا القول، فلم يَرْضَ به المُوَكِّلُ، لم يَسْقُطْ رَدُّه. وإن قُلْنا: الرَّدُّ على الفَوْرِ؛ لأنَّه أَخَّرَهُ بإِذْنِ البائِعِ فيه. وإن قال البائِعُ: مُوَكِّلُكَ قد عَلِمَ العَيْبَ فرَضِيَهُ. لم يُقْبَلْ قَوْلُه إلَّا بِبَيِّنةٍ، فإن لم يكُنْ له بَيِّنَةٌ لم يُسْتَحْلَفِ الوَكِيلُ، إلَّا أن يَدَّعِىَ عِلْمَه، فيَحْلِف على نَفْىِ العِلْمِ. وبهذا قال الشّافِعِىُّ. وعن أبي حنيفةَ أنَّه لا يُسْتَحْلَفُ؛ لأنَّه لو حَلَفَ كان نَائِبًا في اليَمِينِ، وليس بِصَحِيحٍ، فإنَّه لا نِيَابَةَ ههُنا،


(٤٠) سقط من: الأصل.
(٤١) في أ، ب، م: "يخالف".

<<  <  ج: ص:  >  >>