للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بذلك. فإن ارْتَجَعها، فلها الفَسْخُ حينئذٍ، فإن فَسَخَتْ، ثم عاد فتزَوَّجَها، بَقِيَتْ معه بطَلْقةٍ واحدةٍ؛ لأنَّ طلاقَ العَبْدِ اثْنَتانِ. وإن تَزَوَّجَها بعدَ أن أُعْتِقَ، رَجَعَتْ معه (١٠) على طَلْقَتَيْنِ؛ لأنَّه صار حُرًّا، فمَلَكَ ثلاثَ طَلقاتٍ، كسائرِ الأحْرارِ.

فصل: فإن طَلَّقها بعدَ عِتْقِها، وقبلَ اخْتِيارِها (١١)، أو طَلَّقَ الصغيرةَ والمجنونةَ بعد العِتْقِ، وَقَعَ طَلاقُه، وبَطَلَ خِيارُها؛ لأنَّه طَلاقٌ من زَوْجٍ جائزِ التَّصَرُّفِ، فى نكاحٍ صحيحٍ، فنفذَ (١٢) كما لو لم يَعْتِقْ. وقال القاضى: طَلَاقُه موقوفٌ، فإن اخْتارتِ الفَسْخَ لم يَقَعِ الطَّلاقُ (١٣)؛ لأنَّ طَلاقَه يتضَمَّنُ إبْطالَ حَقِّها من الخِيارِ، وإن لم تَخْتَرْ وَقَعَ. وللشافعىِّ قَوْلان، كهذَيْنِ الوَجْهينِ. وبَنَوا عَدَمَ الوُقُوعِ على أَنَّ الفَسْخَ اسْتَنَدَ إلى حالةِ العِتْقِ، فيكونُ الطَّلاقُ واقِعًا فى نكاحٍ مَفْسُوخٍ. ولَنا، أنَّه طلاقٌ من زَوْجٍ مُكَلَّفٍ مُخْتارٍ، فى نكاحٍ صحيحٍ، فوَقَعَ، كما لو طَلَّقها قبلَ عِتْقِها، أو كما لو لم تَخْتَرْ، وقد ذَكَرْنا أَنَّ الفَسْخَ يُوجِبُ الفُرْقةَ [من حِينِه] (١٤)، ولا يجوزُ تقديمُ الفُرْقةِ عليه، [إذِ الحكمُ] (١٥) لا يتَقَدَّمُ سَبَبُه، ولأنَّ العِدَّةَ تُبْتَدَأُ (١٦) من حينِ الفَسْخِ، لا من حينِ العِتْقِ، وما سَبَقَه من الوَطْءِ وَطْءٌ فى نكاحٍ صحيحٍ، يُثْبِتُ الإِحْصانَ والإِحْلالَ للزَّوْجِ الأَوَّلِ، ولو كان الفَسْخُ سابقًا عليه لَانْعَكَسَتِ الحالُ. وقولُ القاضى: إنه يُبْطِلُ حَقَّها من الفَسْخِ. غيرُ صَحِيحٍ؛ فإنَّ الطَّلاقَ يَحْصُلُ به مَقْصُودُ الفَسْخِ، مع (١٧) زِيَادةِ وُجُوبِ نِصْفِ المَهْرِ، وتَقْصِيرِ العِدَّةِ عليها، فإنَّ ابْتِداءَها من حينِ طَلاقِه، لا من حينِ


(١٠) سقط من: الأصل.
(١١) فى أ، ب: "الاختيار".
(١٢) فى ب: "فينفذ".
(١٣) سقط من: الأصل، أ، ب.
(١٤) فى م: "حينئذ".
(١٥) فى م: "والحكم".
(١٦) فى أ: "تبدأ".
(١٧) فى م: "من".

<<  <  ج: ص:  >  >>