للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ماجه (٢). ولأنَّه بَدَلٌ فى مُقابلةِ فَسْخٍ، فلم يَزِدْ على قدرِه فى ابتداءِ العَقدِ، كالعِوَضِ فى الإِقالةِ. ولَنا، قولُ اللَّهِ تعالى: {فَلَاجُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} (٣). ولأنَّه قولُ مَن سَمَّينا مِنَ الصَّحابةِ، قالت الرُّبَيِّعُ بنتُ مُعَوِّذٍ: اختلعتُ مِن زَوْجِى بما دونَ عِقاصِ رأْسِى، فأجازَ ذلك عثمانُ بنُ عفَّانَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه (٤). ومثلُ هذا يَشْتَهِرُ، فلم يُنْكَرْ، فيكونُ إجماعًا، ولم يَصِحَّ عن علىٍّ خلافُه. فإذا ثبتَ هذا، فإنَّه لا يُسْتحَبُّ له أن يأخذَ أكثرَ ممَّا أعْطاها. وبذلك قال سعيدُ بنُ المَسيَّبِ، والحسنُ، والشَّعْبِىُّ، والحَكَمُ، وحَمَّادٌ، وإسحاقُ، وأبو عُبَيْدٍ. فإنْ فعلَ جازَ مع الكَراهِيَةِ (٥)، ولم يكْرَهْه أبو حنيفةَ، ومالكٌ، والشَّافعىُّ. قال مالكٌ: لم أزلْ أسمعُ إجازةَ الفِدَاءِ بأكثرَ مِنَ الصَّداقِ. ولَنا، حديثُ جَمِيلةَ. ورُوىَ عن عَطاءٍ، عن النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنَّه كَرِهَ أن يأخذَ من المُختَلِعَةِ أكثرَ ممَّا أعْطاها. رواه أبو حفصٍ بإسنادِه (٦). وهو صريحٌ فى الحُكْمِ، فنَجْمعُ بين الآيةِ والخبرِ، فنقول: الآيةُ دالةٌ على الجَوَازِ، والنَّهىُ عن الزِّيادةِ للكراهِيَةِ (٧). واللَّهُ أعلمُ.

١٢٣٤ - مسألة؛ قال: (وَلَوْ خَالَعَتْه لِغَيْرِ مَا ذَكَرْنَا، كُرِهَ لَهَا ذَلِكَ، وَوَقَعَ الْخلْعُ)

فى بعض النُّسَخ "بِغيرِ ما ذكرنا" بالباءِ، فيَحْتَمِلُ أنَّه أرادَ بأكثرَ مِن صداقِها. وقد ذكَرْنا ذلك فى المسألةِ التى قبلَ هذه، والظَّاهِرُ أنَّه أرادَ إذا خالعتْه لغيرِ بُغضٍ، وخَشْيةً مِن أن لا تقيمَ (١) حُدودَ اللَّهِ؛ لأنَّه لو أرادَ الأوَّلَ لَقال: كُرِهَ له. فلمَّا قال: كُرهَ لها. دلَّ على أنَّه أرادَ مُخالعتَها له (٢)، والحالُ عامرةٌ، والأخلاقُ مُلْتَئِمةٌ، فإنَّه يُكْرهُ لها ذلك، فإن فعَلتْ


(٢) فى: باب المختلعة تأخذ ما أعطاها، من كتاب الطلاق. سنن ابن ماجه ١/ ٦٦٣.
(٣) سورة البقرة ٢٢٩.
(٤) أخرجه البيهقى، فى: باب الوجه الذى تحل به الفدية، من كتاب الخلع والطلاق. السنن الكبرى ٧/ ٣١٥. وعبد الرزاق، فى: باب المفتدية بزيادة على صداقها، من كتاب الطلاق. المصنف ٦/ ٥٠٤.
(٥) فى أ، ب، م: "الكراهة".
(٦) وأخرجه عبد الرزاق، فى: باب المفتدية بزيادة على صداقها، من كتاب الطلاق. المصنف ٦/ ٥٠٢.
(٧) فى الأصل، ب، م: "للكراهة".
(١) فى أ: "تقيما".
(٢) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>