للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكيلَ الزَّوجةِ لو صالحَ بدونِ العِوَض الذى قَدَّرَتْه له، صَحَّ ولزِمَها، ولو خالعَ وكيلُ الزَّوجِ بدون العِوَض الذى قَدَّره له، لم يَلزمْه، وأمَّا وكيلُ الزَّوجةِ فله حالانِ، أحدُهما، أن تُقَدِّرَ له العِوَضَ، فمتى خالعَ به فما دونَ، صَحَّ، ولَزِمَها ذلك؛ لأنَّه زادَها خيرًا، وإن خالعَ بأكثرَ منه، صَحَّ ولم تلْزَمْها الزِّيادةُ، لأنها لم تَأْذَنْ فيها، ولَزِمَ الوكيلَ؛ لأنَّه الْتَزَمه للزَّوجِ، فلَزِمَه الضَّمانُ، كالمُضَارِبِ إِذا اشْتَرى مَن يَعْتِقُ على ربِّ المالِ. وقال القاضى، فى "المُجرَّدِ": عليها مَهْرُ مِثْلِها، ولا شىءَ على وكيلِها؛ لأنَّه لا يَقْبَلُ العَقْدَ لنفسِه، إنَّما يَقْبلُه لغيرِه. ولعلَّ هذا مذهبُ الشَّافعىِّ، والأوْلَى أَنَّه لا يَلزمُها أكثرُ ممَّا بَذَلَتْه؛ لأنَّها ما الْتَزَمَتْ أكثْرَ منه، ولا وُجِدَ منها تَغْرِير للزَّوجِ، ولا يَنْبَغِى [أن يَجِبَ] (١٨) للزَّوجِ أيضًا أكثرُ مما بذَلَ له الوكيلُ؛ لأنَّه رَضِىَ بذلك عِوَضًا، وهو عوضٌ صحيحٌ معلومٌ، فلم يكُنْ له أكثرُ منه، كما لو بذَلَتْه المرأةُ. الثَّانى، أن يُطْلِقَ الوكالةَ، فيَقتضِى خُلْعَها بمهرِها من جنسِ نَقْدِ البلدِ، فإن خالَعَها بذلك فما دونَ، صَحَّ، ولَزِمَها، وإن خالعَها بأكثرَ منه، فهو كما لو خالعَها بأكثرَ مِمَّا قَدَّرَت له، على ما مضَى مِنَ القَوْلِ فيه.

فصل: إذا اخْتلَفا فى الخُلْعِ، فادَّعاه الزَّوجُ، وأنْكرَتْه المرأةُ، بانَتْ بإقْرارِه، ولم يَستحِقَّ عليها عِوَضًا؛ لأنَّها مُنْكِرَةٌ، وعليها اليمينُ، وإن ادَّعَتْه المرأةُ، وأنْكرَه الزَّوجُ، فالقولُ قولُه لذلك، ولا يَسْتحِقُّ عليها (١٩) عِوَضًا؛ لأنَّه لا يَدَّعِيه، فإن اتَّفقا على الخُلْعِ، واختلَفا فى قَدْرِ العِوَض، أو جنْسِه، أو حُلولِه، أو تأجيله، أو صِفَتِه، فالقولُ قولُ المرأةِ. حَكاه أبو بكرٍ نصًّا عن أحمدَ. وهو قولُ مالكٍ، وأبى حنيفة. وذكَرَ القاضى روايةً أُخرى عن أحمدَ، أن القولَ قولُ الزَّوجِ؛ لأنَّ البُضْعَ يَخْرجُ مِن مِلكِه، فكان القولُ قولَه فى عِوَضِه، كالسَّيِّد مع مُكاتبَتِه (٢٠). وقال الشَّافعىُّ: يتحالَفانِ لأنَّه اختلافٌ فى عِوَض العَقْدِ، فيتحالفانِ فيه، كالمُتبايعَيْنِ إذا اخْتلَفا فى الثَّمَنِ. ولَنا، أنَّه


(١٨) سقط من: الأصل.
(١٩) فى الأصل: "عليه".
(٢٠) فى الأصل، أ: "مكاتبه".

<<  <  ج: ص:  >  >>