للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مع العَمَى والزَّمَانةِ، فتَجِبُ نفقَتُه معهما (٢٣)، مع عمومِ النُّصُوصِ المذكورةِ في أوَّلِ الباب.

١٤٠٩ - مسألة؛ قال: (وأنْ يُزَوِّجَ الْمَمْلُوكَ إذَا احْتَاجَ إلَى ذلِكَ)

وجملةُ ذلك أنَّه يَجِبُ على السَّيِّدِ إعْفافُ مَمْلُوكِه، إذا طَلَبَ ذلك. وهو أحدُ قَوْلَىِ الشافعىِّ. وقال أبو حنيفةَ، ومالكٌ: لا يُجْبَرُ عليه؛ لأنَّ فيه ضَرَرًا عليه، وليس ممَّا تَقُومُ به البِنْيَةُ، فلم يُجْبَرْ عليه، كإطْعامِ الحَلْواء. ولَنا، قولُه تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} (١). والأمْرُ يَقْتَضِى الوُجُوبَ، ولا يَجِبُ إلَّا عند الطَّلَبِ. ورَوَى (٢) عِكْرِمةُ، عن ابنِ عباسٍ، قال: مَنْ كانت له جارِيةٌ، فلم يُزَوِّجْها، ولم يُصِبْها، أو عَبْدٌ فلم يُزَوِّجْهُ، فما صَنَعَا مِن شيءٍ كان على السَّيِّدِ. ولولا وُجُوب إعْفافِهِما لَما لَحِقَ السَّيِّدَ الإِثْمُ بفِعْلِهِما، ولأنَّه مُكَلَّفٌ، مَحْجُورٌ عليه، دَعَا إلى تَزْوِيجِه، فلَزِمَتْه إجَابَتُه، كالمَحْجُورِ عليه للسَّفَهِ، ولأنَّ النِّكاحَ ممَّا تَدْعُو إليه الحاجةُ غالبًا، ويتَضَرَّرُ (٣) بفَواتِه، فأُجْبِرَ عليه، كالنَّفقةِ، بخِلافِ الحَلْواء. إذا ثَبَتَ هذا، فالسَّيِّدُ مُخَيَّرٌ بين تَزْوِيجِه، أو تَمْلِيكِه أمَةً يتَسَرَّاها. وله أن يُزَوِّجَه [أمَتَهُ؛ لأنَّ نكاحَ الأمةِ مُباحٌ للعَبْدِ من غيرِ شَرْطٍ. ولا يجبُ عليه تَزْوِيجُه إلَّا] (٤) عندَ طَلَبِه؛ لأنَّ هذا ممَّا يَخْتَلِفُ الناسُ فيه، وفى الْحاجةِ إليه، ولا تُعْلَمُ حاجَتُه إلَّا بطَلَبِه. ولا يجوزُ تَزْوِيجُه إلَّا باخْتِيارِه، فإنَّ إجْبارَ العَبْدِ الكبيرِ على النِّكاحِ غيرُ جائزٍ. فأمَّا الأمةُ، فالسَّيِّدُ مُخَيَّرٌ بين تَزْوِيجِها إذا طَلَبَتْ ذلك، وبينَ أن يَسْتَمْتِعَ بها، فيُغْنِيَهَا باسْتِمْتاعِه عن غيرِه؛ لأنَّ المقْصودَ قَضاءُ الحاجةِ، وإزالةُ ضَرَرِ الشَّهْوةِ، وذلك يَحْصُلُ بأحَدِهما، فلم يتَعَيَّنْ أحَدُهُما.


(٢٣) سقط من: ب، م.
(١) سورة النور ٣٢.
(٢) في أ، ب، م زيادة: "عن".
(٣) في ب: "أو يتضرر".
(٤) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>