للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لهذا الخَبَرِ، ولأنَّه لا يُؤْمَنُ في التَّكْسِيرِ أن يَطِيرَ إلى وَجْهِه شىءٌ يُؤْذِيه. ويُسْتَحَبُّ أن تَكُونَ الحَصَيَاتُ كَحَصَى الخَذْفِ؛ لهذا الخَبَرِ، ولِقَوْلِ جابِرٍ في حَدِيثِه (٣): كُلُّ حَصَاةٍ مِنْهَا مِثْلُ حَصَى الْخَذْفِ. ورَوَى سُليمانُ بنُ عَمْرو بن الأحْوَصِ، عن أُمِّه، قالت: قال رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "يا أَيُّهَا النَّاسُ، إذَا رَمَيْتُمُ (٤) الجَمْرَةَ فَارْمُوا بِمِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ". رَوَاهُ أبو دَاوُدَ (٥). قال الأثْرَمُ: يكونُ أكْبَرَ مِن الحِمَّصِ ودُونَ البُنْدُقِ. وكان ابنُ عمرَ يَرْمِى بمثل بَعْرِ الغَنَمِ. فإن رَمَى بِحَجَرٍ كَبِيرٍ، فقد رُوِىَ عن أحمدَ أنَّه قال: لا يُجْزِئُه حتى يَأْتِىَ بِالحَصَى على ما فَعَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. وذلك لأنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمَرَ بهذا القَدْرِ، ونَهَى عن تَجاوُزِهِ، والأمْرُ مُقْتَضٍ (٦) للوُجُوبِ (٧)، والنَّهْىُ يَقْتَضِى فَسَادَ المَنْهِىِّ عنه، ولأنَّ الرَّمْىَ بالكَبِيرِ رُبَّمَا آذَى مَن يُصِيبُه. وقال بعضُ أصْحَابِنَا: يُجْزِئُه مع تَرْكِه لِلسُّنَّةِ؛ لأنَّه قد رَمَى بِالحَجَرِ، وكذلك الحُكْمُ في الصَّغِيرِ.

فصل: ويُجْزِئُ الرَّمْىُ بكلِّ ما يُسَمَّى حَصًى، وهى الحِجَارَةُ الصِّغَارُ، سواءٌ كان أسودَ أو أبيضَ أو أحمرَ، من المَرْمَرِ، أو البرام (٨)، أو المَرْوِ، وهو الصَّوَّانُ، أو الرُّخَامِ، أو الكَذَّانِ (٩)، أو حَجَرِ المِسَنِّ. وهذا (١٠) قَوْلُ مَالِكٍ، والشَّافِعِىِّ.


(٣) تقدم تخريجه في صفحة ١٥٦.
(٤) في أ، ب، م: "رأيتم".
(٥) في: باب في رمى الجمار، من كتاب المناسك. سنن أبى داود ١/ ٤٥٥.
كما أخرجه ابن ماجه، في: باب قدر حصى الرمى، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه ٢/ ١٠٠٨. والإمام أحمد، في: المسند ٣/ ٥٠٣، ٦/ ٣٧٩.
(٦) في أ، ب، م: "يقتضى". ورسم الكلمة في الأصل: "مقتضى".
(٧) في ب، م: "الوجوب".
(٨) كذا ورد، والبرام بفتح الباء وكسرها: جبل في بلاد بنى سليم. انظر: تاج العروس (ب ر م) ٨/ ١٩٩. والبَرَم: قنان من الجبال.
(٩) الكذان: الحجارة التي ليست بصلبة. تاج العروس (ك ذ ن) ٩/ ٣٢٠.
(١٠) في ب، م: "وهو".

<<  <  ج: ص:  >  >>