للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمتى أفْضَى إلى الضَّرَرِ زَالَ الاسْتِحْقَاقُ؛ لِزَوَالِ شَرْطِه.

فصل: وإذا أَذِنَ صَاحِبُ الحائِطِ لِجَارِه فى البِنَاءِ على حَائِطِه، أو وَضْعِ سُتْرَةٍ عليه، أو وَضْعِ خَشَبِه عليه فى المَوْضِع الذى لا يَسْتَحِقُّ وَضْعَهُ، جَازَ، فإذا فَعَلَ ما أُذِنَ له فيه، صَارَت العَارِيَّةُ لَازِمَةً، فإذا رَجَعَ المُعِيرُ فيها، لم يكُنْ له ذلك، ولم يَلْزَمِ المُسْتَعِيرَ إزَالَةُ ما فَعَلَه؛ لأنَّ إِذْنَهُ اقْتَضَى البَقَاءَ والدَّوَامَ، وفى القَلْعِ إِضْرَارٌ به، فلا يَمْلِكُ ذلك المُعِيرُ، كما لو أعَارَهُ أرْضًا لِلدَّفْنِ والغِرَاسِ، لم يَمْلِك المُطَالَبَةَ بِنَقْلِ المَيِّتِ والغِرَاس بغيرِ ضَمَانٍ. وإن أرَادَ هَدْمَ الحائِطِ لغير حَاجَةٍ، لم يكُنْ له ذلك؛ لأنَّ المُسْتَعِيرَ قد اسْتَحَقَّ تَبْقِيَةَ الخَشَبِ عليه، ولا ضَرَرَ فى تَبْقِيَتِه. وإن كان مُسْتَهْدَمًا، فله نَقْضُه. وعَلى (٩٨) صَاحِبِ البِنَاءِ والخَشَبِ إزَالَتُه. وإذا أُعِيدَ الحائِطُ لم يَمْلِك المُسْتَعِيرُ رَدَّ بِنَائِه وخَشَبِه إلَّا بإِذْنٍ جَدِيدٍ، سواءٌ بَنَاهُ بآلَتِه أو غيرِها. وهكذا لو قَلَعَ المُسْتَعِيرُ خَشَبَه (٩٩)، أو سَقَطَ بِنَفْسِه، لم يكُنْ له رَدُّه إلَّا بإِذْنٍ مُسْتَأْنَفٍ؛ لأنَّ المَنْعَ من القَلْعِ إنَّما كان لما فيه من الضَّرَرِ، وهاهُنا قد حَصَلَ القَلْعُ بغيرِ فِعْلِه، فأشْبَهَ ما لو كان فى الأَرْضِ شَجَرٌ فانْقَلَعَ. وهذا أحَدُ الوَجْهَيْنِ لأَصْحَابِ الشَّافِعِىِّ، وقالوا فى الآخَرِ: له ذلك؛ لأنَّه قد اسْتَحَقَّ بَقَاءَ ذلك على التَّأْبِيدِ. وليس كذلك؛ فإنَّه إنَّما اسْتَحَقَّ الإبقَاءَ ضَرُورَةَ دَفْعِ ضَرَرِ القَلْعِ، وقد حَصَلَ القَلْعُ هاهُنا، فلا يَبْقَى الاسْتِحْقَاقُ. وإن قَلَعَ صَاحِبُ الحائِطِ ذلك عُدْوانًا، كان لِلآخَرِ إعَادَتُه؛ لأنَّه أُزِيلَ بغير حَقًّ، تَعَدِّيًا ممَّن عليه الحَقُّ، فلم يَسْقُط الحَقُّ عنه بِعُدْوَانِه. وإن اُزالَهُ أجْنَبِىٌّ (١٠٠)، لم يَمْلِكْ صَاحِبُه إعَادَتَه بغيرِ إذْنِ المالِكِ؛ لأنَّه زَالَ بغير عُدْوَانٍ منه، فأشْبَه ما لو سَقَطَ بِنَفْسِه.

فصل: وإن أذِنَ له فى وَضْعِ خَشَبِه، أو البِنَاءِ على جِدَارِه بِعِوَضٍ، جَازَ، سواءٌ كان إِجَارَةً فى مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ، أو صُلْحًا على وَضْعِه على التَّأْبِيدِ. ومتى زَالَ فله إعَادَتُه، سواءٌ


(٩٨) فى أ، م: "وله على".
(٩٩) فى أ، ب، م: "خشبا".
(١٠٠) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>