للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأَنَّ العَشْرَ بغيرِ هاءٍ عَدَدُ اللَّيَالِى، فإنَّها عَدَدُ المُؤَنَّثِ، قال اللهُ تعالى: {وَلَيَالٍ عَشْرٍ} (٦). وأوَّلُ اللَّيَالِى العَشْرِ لَيْلَةُ إحْدَى وعشرين. والرِّوايَةُ الثانيةُ، يَدْخُلُ بعد صلاةِ الصُّبْحِ. قال حَنْبَلٌ، قال أحمدُ: أحَبُّ إلَىَّ أن يَدْخُلَ قبلَ اللَّيْلِ، ولكنْ حديثُ عائشةَ، أنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يُصَلِّى الفَجْرَ، ثم يَدْخُلُ مُعْتَكَفَهُ. وبهذا قال الأوْزَاعِىُّ، وإسحاقُ. ووَجْهُه ما رَوَتْ عَمْرَةُ، عن عائشةَ، أنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان إذا صَلَّى الصُّبْحَ دَخَلَ مُعْتَكَفَهُ. مُتَّفَقٌ عليه (٧). وإن نَذَرَ اعْتِكافَ العَشْرِ، ففى وَقْتِ دُخُولِه الرِّوايَتَانِ جَمِيعًا.

فصل: ومن اعْتَكَفَ العَشْرَ الأواخِرَ من رمضانَ، اسْتُحِبَّ أن يَبِيتَ لَيْلَةَ العِيدِ فى مُعْتَكَفِه. نَصَّ عليه أحمدُ. وَرُوِىَ عن النَّخَعِىِّ، وأبى مِجْلَزٍ، وأبى بكرِ بن عبدِ الرحمنِ، والمُطَّلِبِ ابن حَنْطب (٨)، وأبى قِلابةَ، [أنَّهم كانوا يَسْتَحِبُّونَ ذلك. ورَوَى الأثْرَمُ، بإسْنَادِهِ عن أيَّوبَ، عن أبى قِلابةَ] (٩)، أنَّه كان يَبِيتُ فى المسجدِ لَيْلَةَ الفِطْرِ، ثم يَغْدُو كما هو إلى العِيدِ، وكان -يَعْنِى فى اعْتِكَافِه- لا يُلْقَى له حَصِيرٌ ولا مُصَلًّى يَجْلِسُ عليه، كان يَجْلِسُ كأنَّه بَعضُ القَوْمِ. قال: فأَتَيْتُه فى يَوْمِ الفِطْرِ، فإذا فى حِجْرِهِ جُوَيْرِيةٌ مُزَيَّنةٌ ما ظَنَنْتُها إلَّا بَعْضَ بَناتِه، فإذا هى أمَةٌ له، فأعْتَقَها، وغَدَا كما هو إلى العِيدِ. وقال إبراهيمُ: كانوا يُحِبُّونَ لمن اعْتَكَفَ العَشْرَ الأوَاخِرَ من


= ٣/ ٦٢. ومسلم، فى: باب فضل ليلة القدر، من كتاب الاعتكاف، صحيح مسلم ٢/ ٨٢٤، ٨٢٥.
كما أخرجه الإمام مالك، فى: باب ما جاء فى ليلة القدر، من كتاب الاعتكاف، الموطأ ١/ ٣١٩. والإمام أحمد، فى: المسند ٣/ ٧.
(٦) سورة الفجر ٢.
(٧) تقدم تخريجه فى صفحة ٤٥٧.
(٨) المطلب بن عبد اللَّه بن المطلب بن حنطب المخزومى، تابعى. انظر الكلام فى توثيقه فى: تهذيب التهذيب ١٠/ ١٧٨، ١٧٩.
(٩) سقط من: أ. نقلة نظر.

<<  <  ج: ص:  >  >>