للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما لو أَخَّرَ الأداءَ والنَّذْرَ. ولَنا، ما رُوِىَ عن ابنِ عمرَ، وابنِ عَبَّاسٍ، وأبى هُرَيْرَةَ، أنَّهم قالوا: أَطْعِمْ عن كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا. ولم يَرِدْ (٣) عن غَيْرِهم من الصَّحابَةِ خِلَافُهم. ورُوِىَ مُسْنَدًا من طَرِيقٍ ضَعِيفٍ، ولأنَّ تَأْخِيرَ صومِ رمضانَ عن وَقْتِه إذا لم يُوجِب القَضاءَ، أوْجَبَ الفِدْيَةَ، كالشَّيْخِ الهِمِّ (٤).

فصل: فإن أَخَّرَهُ لغيرِ عُذْرٍ حتى أَدْرَكَهُ رمضانانِ أو أكْثَرُ، لم يَكُنْ عليه أكْثَرُ من فِدْيَةٍ مع القَضاءِ؛ لأنَّ كَثْرَةَ التَّأْخِيرِ لا يَزْدَادُ بها الوَاجِبُ، كما لو أَخَّرَ الحَجَّ الوَاجِبَ سِنِينَ، لم يَكُنْ عليه أكْثَرُ من فِعْلِهِ.

فصل: وإن ماتَ المُفَرِّطُ بعدَ أن أدْرَكَهُ رمضانُ آخَرُ، أُطْعِمَ عنه لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينٌ واحِدٌ. نَصَّ عليه أحمدُ، فيما رَوَى عنه أبو دَاوُدَ، أنَّ رَجُلًا سَألَه عن امْرَأَةٍ أفْطَرَتْ رمضانَ، ثم أدْرَكَها رمضانُ آخَرُ، ثم ماتَتْ؟ قال: يُطْعَمُ عنها. قال له السَّائِلُ: كم أُطْعِمُ؟ قال: كم أفْطَرَتْ؟ قال: ثلاثِينَ يَوْمًا. قال اجْمَعْ ثَلَاثِينَ مِسْكِينًا، وأطْعِمْهم مَرَّةً واحِدَةً، وأشْبِعْهم. قال: ما أُطْعِمُهم؟ قال خُبْزًا ولَحْمًا إن قَدَرْتَ من أوْسَطِ طَعَامِكم. وذلك لأنَّه بإِخْرَاجِ كَفَّارَةٍ واحِدَةٍ، أزَالَ تَفْرِيطَهُ بالتَّأْخِيرِ، فصارَ كما لو ماتَ من غيرِ تَفْرِيطٍ. وقال أبو الخَطَّابِ: يُطْعَمُ عنه لِكُلِّ يَوْمٍ فَقِيرَانِ؛ لأنَّ المَوْتَ بعدَ التَّفْرِيطِ بدون التَّأْخِيرِ عن رمضانَ آخَرَ يُوجِبُ كَفَّارَةً، والتَّأْخِيرُ بدون المَوْتِ يُوجِبُ كَفَّارَةً، فإذا اجْتَمَعَا وَجَبَتْ كَفَّارَتانِ، كما لو فَرَّطَ في يَوْمَيْنِ.

فصل: واخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ عن أحمدَ في جَوَازِ التَّطَوُّعِ بالصَّوْمِ، ممَّن عليه صَوْمُ فَرْضٍ، فنَقَلَ عنه حَنْبَلٌ أَنَّه قال: لا يجوزُ له أن يَتَطَوَّعَ بالصَّوْمِ، وعليه صَوْمٌ من الفَرْضِ حتى يَقْضِيَه، يَبْدَأُ بالفَرْضِ، وإن كان عليه نَذْرٌ صَامَهُ يعنى بعدَ


(٣) في أ، ب، م: "يرو".
(٤) في ب، م: "الهرم".

<<  <  ج: ص:  >  >>