للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن لم تكن بَيِّنَةٌ، أو كانت له بَيِّنَةٌ، وقُلْنا: لا تُقْبَلُ بَيِّنَتُه، فادَّعَى أنَّ المُشْتَرِىَ يَعْلَمُ غَلَطَه، فأنْكَرَ المُشْتَرِى، فالقولُ قولُه، وإنْ طَلَبَ يَمِينَه، فقال القاضِى: لا يَمِينَ عليه؛ لأنَّه مُدَّعٍ، واليَمِينُ على المُدَّعَى عليه. ولأنَّه قد أقَرَّ له فيَسْتَغْنِى بالإِقْرارِ عن اليَمِينِ. والصَّحِيحُ أنَّ عليه اليَمِينَ أنَّه لا يَعْلَمُ ذلك؛ لأنَّه ادَّعَى عليه ما يَلْزَمُه به رَدُّ السِّلْعَةِ أو زِيادَةٌ فى ثَمَنِها، فلَزِمَتْه اليَمِينُ، كمَوْضِع الوِفاقِ. وليس هو هاهُنا مُدَّعِيًا، إنَّما هو مُدَّعًى عليه العِلْمُ بمِقْدارِ الثَّمَنِ الأوَّل، ثم قال الخِرَقِىُّ: له أنْ يُحَلِّفَه أنَّ وَقْتَ ما باعَها لم يَعْلَمْ أنَّ شِراءَها أكْثَرُ. وهذا صَحِيحٌ، فإنَّه لو باعَها بهذا الثَّمَنِ عالِمًا بأنَّ ثَمَنَها عليه أكْثَرُ، لَزِمَه البَيْعُ بما عَقَدَ عليه؛ لأنَّه تَعاطَى شَيْئًا عالِمًا بالحال، فلَزِمَه، كمُشْتَرِى المَعِيبِ عالِمًا بِعَيْبِه. وإذا كان البَيْعُ يَلْزَمُه بالعِلْمِ، فَادَّعَى عليه، لَزِمَتْه اليَمِينُ. فإنْ نَكَلَ قضى عليه. وإنْ حَلَفَ خُيِّرَ المُشْتَرِى بين قَبُولِه بالثَّمَنِ والزِّيادَةِ التى غَلِطَ بها وحَطِّها من الرِّبْحِ، وبين فَسْخِ العَقْدِ. [ويَحْتَمِلُ أنَّه إذا باعَه بمائةٍ ورِبْحِ عَشَرَةٍ، ثم إنَّه غَلِطَ بعَشَرَة، لا يَلْزَمُه حَطُّ العَشَرَةِ من الرِّبْحِ؛ لأنَّ البائِعَ رَضِىَ بِرِبْحِ عَشَرَةٍ فى هذا المَبِيعِ، فلا يكونُ له أكْثَرُ منها. وكذلك إنْ تَبَيَّنَ له أنَّه زادَ فى رَأْسِ مالِه، لا يَنْقُصُ الرِّبْحَ من عَشَرَةٍ؛ لأنَّ البائِعَ لم يَبِعْه، إلَّا بِرِبْحِ عَشَرَةٍ، فأمَّا إِنْ قَال: وأرْبَحُ فى كُلِّ عَشَرَةٍ دِرْهَمًا. أو قال: ده يازده. لَزِمَهُ حَطُّ العَشَرَةِ من الرِّبْحِ فى الغَلَطِ والزِّيادَةِ على الثَّمَنِ فى الصُّورَتَيْنِ] (٢). وإنَّما أثْبَتْنَا له الخِيَارَ؛ لأنَّه دَخَلَ على أنَّ الثَّمَنَ مائةٌ وعَشَرَةٌ، فإذا بان أكْثَر كان عليه ضَرَرٌ فى الْتِزامِه، فلم يَلْزَمْه، كالمَعِيبِ. وإن اخْتارَ أخْذَها بمائةٍ وأحَدَ وعِشْرِينَ، لم يكن للبائِعِ خِيارٌ؛ لأنَّه قد زادَه خَيْرًا، فلم يكن له خِيارٌ، كبائِعِ المَعِيبِ إذا رَضِيَه المُشْتَرِى. وإن اخْتارَ البائِعُ إسْقاطَ الزِّيادَةِ عن المُشْتَرِى، فلا خِيارَ له أيضًا؛ لأنَّه قد بَذَلَها بالثَّمَنِ الذى وَقَعَ عليه العَقْدُ، وتَراضَيا به.

فصل: ويجوزُ بَيْعُ الْمواضَعَةِ، وهو أنْ يُخْبِرَ بِرَأْسِ مالِه ثم يقولُ: بِعْتُكَ هذا


(٢) سقط من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>