قبلَ اشْتِدادِ حَبِّه مُشاعًا، لم يَجُزْ، سواءٌ اشْتَراهُ من رَجُلٍ، أو من أكْثَرَ منه، وسواءٌ شَرَطَ القَطْعَ، أو لم يَشْرُطْه؛ لأنَّه لا يُمْكِنُه قَطْعُه إلَّا بِقَطْعِ ما لا يَمْلِكُه، فلم يَصِحَّ اشْتراطُه.
فصل: والقُطْنُ ضَرْبانِ؛ أحَدُهُما، مالَه أصْلٌ يَبْقَى في الأرْضِ أعْوامًا، كالشَّجَرِ تَتَكَرَّرُ ثَمَرَتُه، فهذا حُكْمُه حُكْمُ الشَّجَرِ، في أنَّه يَصِحُّ إفْرادُه بِالبَيْعِ، وإذا بِيعَتِ الأرْضُ بِحُقُوقِها دَخَلَ في البَيْعِ، وثَمَرُه كالطَّلْعِ إن تَفتَّحَ فهو لِلْبائِعِ، وإلَّا فهو لِلْمُشْتَرِى. والثاني، ما يَتَكَرَّرُ زَرْعُه كلَّ عامٍ، فحُكْمُه حُكْمُ الزَّرْعِ، ومتى كان جَوْزُه ضَعِيفًا رَطْبًا، لم يَقْوَ ما فيه، لم يَجُزْ بَيْعُه إلَّا بِشَرْطِ القَطْعِ، كالزَّرْعِ الأخْضَرِ، وإن قَوِىَ جَوْزُه (١٦) واشْتَدَّ، جازَ بَيْعُه بِشَرْطِ التَّبْقِيَةِ، كالزَّرْعِ الذى اشْتَدَّ حَبُّهُ، وإذا بِيعَتِ الأرْضُ لم يَدْخُلْ في البَيْعِ إلَّا أن يَشْتَرِطَهُ المُبْتَاعُ. والباذِنْجانُ نَوْعانِ؛ أحَدُهما، ما له شَجَرٌ تَبْقَى أُصُولُه وتَتَكَرَّرُ ثَمَرَتُه، فهو كالشَّجَرِ. والثاني، ما يَتَكَرَّرُ زَرْعُه كلَّ عَامٍ، فهو كالحِنْطَةِ والشَّعِيرِ.
اخْتَلَفَتِ الرِّوايَةُ عن أحْمَدَ، رَحِمَه اللَّه، في مَن اشْتَرى ثَمَرَةً قبلَ بُدُوِّ صَلاحِها، فتَرَكَها حتى بَدا صَلاحُها، فنَقَلَ عنه حَنْبَلٌ، وأبو طالِبٍ: أنَّ البَيْعَ يَبْطُلُ. قال القاضى: هى أصَحُّ. فعلى هذا يَرُدُّ المُشْتَرِى الثَّمَرةَ إلى البائِعِ، ويَأْخُذُ الثَّمَنَ. ونقلَ أحْمَدُ بن سَعِيدٍ، أنَّ البَيْعَ لا يَبْطُلُ. وهو قولُ أكْثَرِ الفُقَهاءِ؛ لأنَّ أكْثَرَ ما فيه أنَّ المَبِيعَ اخْتَلَطَ بغيرِه، فأشْبَه ما لو اشْتَرَى ثَمَرةً، فَحَدَثَتْ ثَمَرةٌ أُخْرَى، ولم تَتَمَيَّزْ، أو حِنْطَةً فانْثَالَتْ عليها أُخْرَى، أو ثَوْبًا، فاخْتَلَطَ بغيرِه. ونَقَلَ عنه أبو داودَ، في من اشْتَرَى قَصِيلًا، فَمرِضَ، أو تَوَانَى حتى صَارَ شَعِيرًا. قال: إن أرادَ به حِيلَةً فَسَدَ البَيْعُ، وإلَّا لم يَفْسُدْ. والظَّاهِرُ: أنَّ هذه تَرْجِعُ إلى ما نَقَلَهُ ابنُ سَعِيدٍ، فإنَّه