للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأشْبَهَ مَنْ في (١١) دارِ الإِسلامِ.

فصل: وقدرُ الحَدِّ ثمانونَ، إذا كان القاذِفُ حُرًّا؛ للآية، والإِجماعِ، رجلًا كان أو امرأةً. ويُشْتَرَطُ أن يكونَ بالِغًا عاقِلًا غيرَ مُكْرَهٍ؛ لأنَّ هذه مُشْتَرَطَةٌ لكلِّ حَدٍّ.

١٥٦٦ - مسألة؛ قال: (إذَا طَالبَ الْمَقْذُوفُ، ولمْ يَكُنْ لِلْقاذِفِ بَيِّنَةٌ)

وجملتُهُ أنَّهُ (١) يُعْتَبَرُ لإِقامةِ الحَدِّ بعدَ تمامِ القَذْفِ بشُروطِه شَرْطان؛ أحدُهما، مُطالَبةُ المقْذُوفِ؛ لأنَّه حَقٌّ له، فلا يُسْتَوْفَى قبلَ طلبِه، كسائرِ حُقوقِه. والثانى، أن لا يأْتِىَ بِبَيِّنَةٍ؛ لقولِ اللَّه تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ} (٢). فشَرَطَ (٣) في جَلْدِهم عَدَمَ البَيِّنَةِ، وكذلك يُشْتَرَطُ عدمُ الإِقْرارِ من المقْذُوفِ؛ لأنَّه في معنى البَيِّنَةِ. وإن كان القاذِفُ زوجًا، اعْتُبِرَ شرطٌ ثالثٌ، وهو امْتناعُه من اللِّعانِ. ولا نعلمُ خلافًا في هذا كلِّه. وتُعْتَبرُ اسْتدامةُ الطالبِ (٤) إلى إقامةِ الحَدِّ، فلو طلبَ ثم عفَا عن الحَدِّ، سَقَطَ. وبهذا قال الشَّافِعِىُّ، وأبو ثَوْر. وقال الحسن، وأصْحابُ الرَّأْىِ: لا يسْقُطُ بعَفْوهِ؛ لأنَّه حَدٌّ، فلم يسْقُطْ بالعَفْوِ، كسائرِ الحدودِ. ولَنا، أنَّه حَقٌّ لا يُسْتَوْفَى إلَّا بعدَ مُطالبةِ الآدَمِىِّ باسْتيفائِه، [فسَقطَ بعَفْوِه، كالقِصَاصِ، وفارقَ سائرَ الحُدودِ؛ فإنَّه لا يُعْتَبَرُ في إقامتِها الطَّلَبُ باسْتيفائِها، ] (٥) وحَدُّ السَّرِقَةِ إنَّما تُعْتَبَرُ فيه المطالَبَةُ بالمَسْروقِ، لا باسْتيفاءِ الحَدِّ، ولأنَّهم قالوا: تَصِحُّ دعواه، ويُسْتحْلَفُ فيه، ويحكمُ الحاكمُ فيه بعِلْمِه، ولا يُقْبَلُ رُجوعُه عنه بعدَ الاعْترافِ. فدَلَّ على أنَّه حَقٌّ لآدَمِىٍّ.


(١١) سقط من: م.
(١) في م: "أن".
(٢) سورة النور ٤.
(٣) في ب، م: "فيشترط".
(٤) في الأصل: "الطلب".
(٥) سقط من: ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>