للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: فأمَّا المُباشَرةُ فيما دُونَ الفَرْجِ، فإن كانتْ لغيرِ شَهْوةٍ، لم تَنْشُرِ الحُرْمةَ. بغير خِلافٍ نَعْلَمُه. وإن كانت لشهوةٍ، وكانت فى أجْنَبِيَّةٍ، لم تَنْشُر الحُرْمةَ أيضًا. قال الْجُوزَجانِىُّ: سألتُ أحمدَ عن رَجُل نَظَرَ إلى أُمِّ امْرَأتِه فى (٣٠) شهوةٍ، أو قَبَّلَها، أو باشَرَها. فقال: أنا أقولُ لا يُحَرِّمُه شىءٌ من ذلك إلَّا الجماعُ. وكذلك نَقَلَ أحمدُ بن القاسمِ، وإسحاقُ بن منصورٍ. وإن كانت المُباشَرةُ لِامْرأةٍ مُحَلَّلةٍ له، كامْرَأتِه، أو مَمْلوكَتِه (٣١)، لم تُحَرَّمْ عليه ابْنَتُها. قال ابنُ عباسٍ: لا يُحَرِّمُ الرَّبِيبَةَ إلا جِماعُ أُمِّها (٣٢). وبه قال طاوُسٌ، وعمرُو بن دِينارٍ؛ لأنَّ اللَّه تعالى قال: {فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} (٣٣). وهذا ليس بدُخُولٍ فلا يجوزُ تَرْكُ النَّصِّ الصريحِ من أجْلِه. وأمَّا تحْريمُ أُمِّها، وتَحْريمُها على أبى المُباشِرِ لها وابْنِه؛ فإنَّها فى النِّكاحِ تُحَرَّمُ بمُجَرِّدِ العَقْدِ قبلَ المُباشَرَةِ، فلا يَظْهَرُ للمُباشَرَةِ أثَرٌ. وأمَّا الأمَةُ، فمتى باشَرَها دُونَ الفَرْجِ لشَهْوةٍ، فهل يَثْبُتُ تحريمُ المُصاهَرةِ؟ فيه رِوَايتَان؛ إحداهما، يَنْشُرُها. رُوِىَ ذلك عن ابنِ عمرَ، وعبدِ اللَّه بن عَمْرٍو، ومَسْرُوقٍ. وبه قال القاسمُ [بن محمد] (٣٤)، والحسنُ، ومكحولٌ، والنَّخَعِىُّ، والشَّعْبِىُّ، ومالكٌ، والأَوْزَاعىُّ، وأبو حَنِيفةَ، وعلىُّ بن الْمَدِينىِّ. وهو أحدُ قَوْلَى الشافعىِّ؛ لأنَّه نَوْعُ اسْتِمْتاع، فتَعَلَّقَ به تَحْريمُ المُصاهَرةِ، كالوَطْءِ فى الفَرْجِ، [ولأنَّه تَلَذُّذٌ بمُباشَرَةٍ] (٣٥)، فَيَتعلَّقُ (٣٦) به التحريمُ كالوَطْءِ (٣٧). والثانية، لا يثْبُتُ به التَّحْريمُ؛ لأنَّها مُلَامَسةٌ لا تُوجِبُ الغُسْلَ، فلم


(٣٠) فى الأصل: "من".
(٣١) فى الأصل: "امرأة مملوكة".
(٣٢) أخرج نحوه سعيد بن منصور، فى: باب ما جاء فى الرجل يتزوج المرأة فتموت. . . السنن ١/ ٢٣٤.
(٣٣) سورة النساء ٢٣.
(٣٤) سقط من: الأصل، أ، م.
(٣٥) فى ب: "لا بمباشرة".
(٣٦) فى م: "يتعلق".
(٣٧) فى م: "كما لو وطىء".

<<  <  ج: ص:  >  >>