للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البَيِّنَةَ حُجَّةٌ فى المالِ دونَ الطَّلاقِ والعَتاقِ. وظاهرُ مذهبِ الشَّافعىِّ (٢٦)، فى هذا الفصلِ كمَذْهبِنا، إلَّا فيما ذكَرْناه من الخلافِ عن أصْحابِنا.

فصل: ولو ادَّعَى جاريةً فى يَدِ رجلٍ أنَّها أمُّ ولدِه، وأنَّ ابنَها ابنُه منها، وُلِدَ فى مِلْكِه، وأقام بذلك شاهدًا وامرأتيْنِ، أو حلَفَ مع شاهدِه، حُكِمَ له بالجاريةِ، لأنَّ أُمَّ الولدِ مملوكةٌ له، ولهذا يَمْلِكُ وَطْأَها وإجارَتَها وتَزْويجَها، ويَثْبُتُ لها حُكْمُ الاسْتيلادِ بإقْرارِه؛ لأنَّ إقْرارَه يَنْفُذُ فى مِلْكِه، والمِلْكُ يثْبُتُ بالشَّاهدِ والمرأتَيْنِ، والشَّاهدِ واليَمِينِ، ولا يُحكَمُ له بالولدِ؛ لأنَّه يَدَّعِى نسَبَه، والنَّسَبُ لا يَثْبُتُ بذلك، ويَدَّعِى حُرِّيَّتَه أيضًا، فعلَى هذا يُقَرُّ الولدُ فى يدِ المُنْكِرِ مَمْلوكًا له. وهذا أحدُ قَوْلَىِ الشَّافعىِّ، وقال فى الآخَرِ: يأْخُذُها وولدَها، ويكونُ ابنَه؛ لأنَّ مَن ثَبتَتْ له العَيْنُ ثَبَتَ له نَماؤُها، والولدُ نَماؤُها. وذكرَ أبو الخَطَّابِ فيها عن أحمدَ روايَتيْنِ، كقَوْلَىِ الشَّافِعِىِّ. ولَنا، أنَّه لم يدَّعِ الولدَ مِلْكًا، وإنَّما يدَّعِى حُرِّيَّتَه ونَسَبَه، وهذان لا يَثْبُتان بهذه البَيِّنَةِ، فيَبْقَيانِ على ما كانا عليه.

فصل: وإن ادَّعَى رجلٌ أنَّه خالَعَ امْرأتَه، فأنْكَرَتْه (٢٧)، ثَبَتَ ذلك بشاهدٍ وامرأتيْنِ، أو يَمِينِ المُدَّعِى؛ لأنَّه يَدَّعِى المالَ الذى خالَعتْ به. وإن ادَّعتْ ذلك المرأةُ، لم يَثْبُتْ إلَّا بشهادةِ رجليْن؛ لأنَّها لا تَقْصِدُ منه إلَّا الفَسْخَ وخَلاصَها مِن الزَّوجِ، ولا يَثْبُتُ ذلك إلّا (٢٨) بهذه البَيِّنَةِ.

١٨٨٥ - مسألة؛ قال: (وَيُقْبَلُ فِيمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ، مِثْلُ الرَّضَاعِ، وَالْوِلَادَةِ، والْحَيْضِ، وَالْعِدَّةِ، وَمَا أشْبَهَهَا، شَهَادَةُ امْرَأةٍ عَدْلٍ (١))

لا نعلمُ بين أهلِ العلمِ خِلافًا، فى قَبُولِ شَهادةِ النِّساءِ المُنْفرِداتِ فى الجُملةِ. قالَ القاضى: والذى تُقْبَلُ فيه شهادتُهنَّ مُنْفرِداتٍ خَمسةُ أشياءَ؛ الوِلادةُ، والاسْتِهْلالُ،


(٢٦) فى الأصل زيادة: "فى ظاهر مذهبه".
(٢٧) فى ب، م: "فأنكرت".
(٢٨) سقط من: الأصل.
(١) فى الأصل: "عدلة".

<<  <  ج: ص:  >  >>