للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٧٧ - مسألة؛ قال: (وإذَا شَدَّ الكَسِيرُ الجَبَائِرَ، وكانَ طَاهِرًا ولَمْ يَعْدُ بِهَا مَوْضِعَ الكَسْرِ، مَسَحَ عَلَيْها كُلَّمَا أَحْدَثَ، إلَى أَنْ يَحُلَّها)

الجَبائِرُ: ما يُعَدُّ لِوَضْعِهِ على الكَسْرِ؛ لِيَنْجَبِرَ. وقولُه: "ولم يَعْدُ بها مَوْضِعَ الكَسْرِ". أرادَ لَمْ يُجَاوِزِ (١) الكَسْرَ إلَّا بما لا بُدَّ مِن وَضْعِ الجَبِيرةِ عليه، فإنَّ الجَبِيرَةَ إنَّما تُوضَعُ على طَرَفَىِ الصّحِيحِ؛ لِيَرْجِعَ الكَسْرُ. قال الخَلَّالُ: كأنَّ أبا عبدِ اللهِ اسْتَحَبَّ أنْ يتَوَقَّى أنْ يَبْسُطَ الشَدَّ على الجُرْحِ بِمَا يُجَاوِزُه (٢)، ثم سَهَّلَ في مسألةِ المَيْمُونِيِّ والمَرُّوذِيِّ؛ لأنَّ هذا مِمَّا لا يَنْضَبِطُ، وهو شَدِيدٌ جِدًّا. ولا بَأْسَ بالمَسْحِ على العَصَائِبِ، كيف شَدَّهَا. والصَّحِيحُ ما ذكرْنَاه إنْ شاءَ اللهُ؛ لأنَّه إذا شَدَّهَا على مَكَانٍ يَسْتَغْنِى عن شَدِّهَا عليه، كانَ تَارِكًا لِغَسْلِ ما يُمْكِنُه غَسْلُه، مِن غيرِ ضَرَرٍ، فلمْ يَجُزْ، كما لو شَدَّها على ما لا كَسْرَ فيه، فإذا شَدَّهَا على طَهَارَةٍ، وخافَ الضَّرَرَ بِنَزْعِها، فلهُ أن يَمْسَحَ عليها، إلى أنْ يَحُلَّهَا. ومِمَّنْ رَأَىَ المَسْحَ على العَصَائِبِ ابْنُ عُمَرَ، وعُبَيْدُ بن عُمَيْر (٣)، وعَطَاء. وأجَازَ المَسْحَ على الجَبَائِرِ الحَسنُ، والنَّخَعِيُّ، ومَالِك، وإسحاق، والْمُزَنِيُّ، وأبو ثَوْرٍ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وقال الشَّافِعِيُّ، في أحَدِ قَوْلَيْه: يُعِيدُ كُلَّ صَلاةٍ صَلَّاهَا؛ لأنَّ اللهَ تَعالَى أمَرَ بالغَسْلِ، ولم يَأْتِ به. ولَنا، ما رَوَى عليّ، رَضِيَ اللهُ عنه، قال: انْكَسَرَتْ إحْدَى زَنْدَيَّ (٤)، فأَمَرَنِى النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنْ أَمْسَحَ على الجَبَائِرِ. رَوَاهُ ابنُ مَاجَه (٥). وحدِيثُ جابرٍ في الذي أصَابَتْهُ الشَّجَّةُ (٦)، ولأنَّه قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ، [ولم نَعْرِفْ له في الصَّحابةِ مُخالِفًا] (٧)، ولأنَّه مَسَحَ على حَائِلٍ أُبِيحَ له المَسْحُ عليه، فلمْ تَجِبْ معه الإِعادةُ،


(١) في م: "يتجاوز".
(٢) في م: "يجاوره".
(٣) أبو عاصم عبيد بن عمير بن قتادة الليثي، قاصّ أهل مكة، مكى، تابعى، ثقة، من كبار التابعين، توفى سنة ثمان وستين. تهذيب التهذيب ٦/ ٧١.
(٤) الزند: موصل أطراف الذراع في الكف.
(٥) في: باب المسح على الجبائر، من كتاب الطهارة. سنن ابن ماجه ١/ ٢١٥.
(٦) تقدم في صفحة ٣٣٦.
(٧) في م: "ولم يعرف له في الصحابة مخالف".

<<  <  ج: ص:  >  >>