للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طَاهِرٌ، فكذلك المُنْفَصِلُ، ولأنَّه ماءٌ أزالَ حُكْمَ النَّجاسةِ، ولم يَتَغيَّرْ بها، فكان طَاهِرًا، كالمُنْفَصِلِ عن (٢٠) الأرْضِ. والثَّانِى، هو نَجِسٌ. وهو قَوْلُ أبي حنيفةَ؛ لأنَّه ماءٌ يَسِيرٌ لاقَى نَجَاسَةً، فَنَجِسَ بها، كما لو وَرَدَتْ عليه، وإذا حَكَمْنَا بطَهَارَتِه، فهل يكونُ طَهُورًا؟ على وَجْهَيْنِ: أحدُهما، يكونُ طَهُورًا؛ لأنَّ الأَصْلَ طُهُورِيَّتُهُ، ولأن الحادِثَ فيه لم يُنَجِّسْه، ولم يُغَيِّرْه، فلم تَزُلْ طُهُورِيَّتُه، كما لو غَسَلَ به ثَوْبًا طَاهِرًا. والثانى، أنَّه غيرُ مُطَهِّرٍ، لأنَّه أزالَ مَانِعًا من الصَّلاةِ، أشْبَهَ ما رُفِعَ به الحَدَثُ.

فصل: إذا جُمِعَ الماءُ الذي أُزِيلَتْ به النَّجَاسَةُ قبلَ طهارةِ المَحَلِّ وبعدَه في إنَاءٍ واحِدٍ، وكان دُونَ القُلَّتَيْنِ، فالجَمِيعُ نَجِسٌ، تَغيَّرَ أَو لم يَتَغَيَّرْ. وقال بعضُ أصْحابِ الشَّافِعِىِّ: هو طَاهِرٌ؛ لأنَّه ماءٌ أُزِيلَتْ به النَّجَاسَةُ ولم يَتَغَيَّرْ بها، فأشْبَهَ ماءَ الغَسْلَةِ التي طَهَّرَتِ المَحَلَّ. ولَنا، أنَّه اجْتَمَعَ الماءُ النَّجِسُ والطَّاهِرُ وهو يَسِيرٌ، فكان نَجِسًا، كما لو اجْتَمَعَ مع ماءٍ غيرِ الذي غُسِلَ به المَحَلُّ.

٢٣١ - مسألة؛ قال: (وإذا نَسِىَ فَصَلَّى بهم جُنُبًا، أعَادَ وَحْدَهُ)

وجُمْلَته أنَّ الإِمامَ إذا صَلَّى بالجَمَاعَةِ مُحْدِثًا، أو جُنُبًا، غيرَ عَالِمٍ بحَدَثِه، فلم يَعْلَمْ هو ولا المَأْمُومُونَ، حتَّى فَرَغُوا من الصَّلاةِ، فصَلاتُهم صَحِيحَةٌ، وصَلاة الإِمامِ باطِلَةٌ. رُوِىَ ذلك عن عمرَ، وعُثْمَانَ، وعليٍّ، وابنِ عمرَ، رَضِىَ اللَّه عنهم. وبه قال الحسنُ، وسعيدُ بنُ جُبَيْرٍ، ومَالِكٌ، والأوْزاعِىُّ، والشَّافِعِىُّ، وسُلَيْمَانُ بنُ حَربٍ، وأبو ثَوْرٍ. وعن عليٍّ أنه يُعِيدُ ويُعِيدُونَ. وبه قال ابْنُ سِيرِينَ، والشَّعْبِىُّ، وأبو حنيفةَ، وأصْحابُه؛ لأنَّه صَلَّى بهم مُحْدِثًا، أشْبَهَ ما لو عَلِمَ. ولَنا، إجمَاعُ الصَّحَابَةِ، رَضىَ اللَّه عنهم، رُوِىَ أن عمرَ، رَضِىَ اللهُ عنه، صَلَّى بالنَّاسِ الصُّبْحَ، ثم خَرَجَ إلى الجُرْفِ، فأَهْرَاقَ الماءَ، فوَجَدَ في ثَوْبِه احْتِلامًا، فأعادَ ولم [يُعِدِ النَّاسُ] (١).


(٢٠) في م: "من".
(١) في م: "يعيدوا". وتقدم في صفحة ٢٦٩، من الجزء الأول.

<<  <  ج: ص:  >  >>