للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَن قُتِلَ معه (١٧)، وعَمَّارٌ أوْصَى أن لا يُغَسَّلَ، وقال: ادْفِنُونِى في ثِيَابِى، فإنِّى مُخَاصِمٌ (١٧). قال أحمدُ: قد أوْصَى أصْحابُ الجَمَلِ (١٨): إَّنا مُسْتَشْهَدُونَ غَدًا، فلا تَنْزِعُوا عَنَّا ثَوْبًا، ولا تَغْسِلُوا عنَّا دَمًا. ولأنَّه شَهِيدُ المَعْرَكَةِ، أشْبَهَ قَتِيلَ الكُفَّارِ. وهذا قولُ أبي حنيفةَ. وقال الشَّافِعِىُّ، في أَحَدِ قَوْلَيْهِ: يُغَسَّلُونَ؛ لأنَّ أسْماءَ غَسَّلَتِ ابْنَها عبدَ اللهِ بنَ الزُّبَيْرِ. والأوَّلُ أوْلَى؛ لما ذَكَرْنَاهُ، وأمَّا عبدُ اللهِ بنُ الزُّبَيْرِ فإنَّه أُخِذَ وصُلِبَ، فهو كالمَقْتُولِ ظُلْمًا، وليس بِشَهِيدِ المَعْرَكَةِ. وأمَّا الباغِى، فقال الْخِرَقِىُّ: مَنْ قُتِلَ منهم، غُسِّلَ، وكُفِّنَ، وصُلِّى عليه. ويَحْتَمِلُ إلْحاقَه بأهْلِ العَدْلِ؛ لأنَّه لم يُنْقَلْ إلينا غَسْلُ أهْلِ الجَمَلِ وصِفِّينَ (١٩) من الجَانِبَيْنِ، ولأنَّهم يَكْثُرُونَ في المُعْتَرَكِ، فيَشُقُّ غُسْلُهم، فأشْبَهُوا أهْلَ العَدْلِ. فأمَّا الصلاةُ على أهْلِ العَدْلِ، فيحتَمِلُ أنْ لا يُصَلَّى عليهم؛ لأنَّنا شَبَّهْناهم بِشُهَدَاءِ مَعْرَكَةِ المُشْرِكِينَ في الغُسْلِ، فكذلك في الصلاةِ، ويَحْتَمِلُ أن يُصَلَّى عليهم؛ لأنَّ عليًّا، رَضِىَ اللَّه عنه، صَلَّى عليهم.

فصل: فأمَّا مَن قُتِلَ ظُلْمًا، أو قُتِلَ دُونَ مالِه، أو دُونَ نَفْسِه أو أهْلِه (٢٠)، ففيه رِوَايتانِ: إحْدَاهما، يُغَسَّلُ. اخْتَارَها الخَلَّالُ، وهو قولُ الحسنِ، ومَذْهَبُ الشَّافِعِىِّ، ومالِكٍ؛ لأنَّ رُتْبَتَهُ دون رُتْبَة الشَّهِيدِ في المُعْتَرَكِ، فأشْبَهَ المَبْطُونَ (٢١)؛ ولأنَّ هذا لا يَكْثُرُ القَتْلُ فيه، فلم يَجُزْ إلْحاقُه بشُهَداءِ (٢٢) المُعْتَرَكِ. والثانية، لا


(١٧) انظر ما أخرجه البيهقي، في: باب ما ورد في المقتول بسيف البغى، من كتاب الجنائز. السنن الكبرى ٤/ ١٧.
(١٨) كانت وقعة الجمل بين على وعائشة ومعها طلحة والزبير، رضى اللَّه عنهم.
(١٩) صفين: موضع بقرب الرقة على شاطئ الفرات من الجانب الغربى، وكانت وقعة صفين بين على ومعاوية في سنة سبع وثلاثين. معجم البلدان ٣/ ٤٠٢.
(٢٠) في أ، م: "وأهله".
(٢١) المبطون: من اشتكى بطنه من إسهال أو استسقاء أو غيره فمات.
(٢٢) في أ، م: "شهيد".

<<  <  ج: ص:  >  >>