للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يَخْلُ من مَعْذُورينَ، فلم يُنْقَلْ أنَّهم صَلَّوْا جَماعَةً. ولَنا، قولُ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "صَلَاةُ الجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلَاةَ الفَذِّ بِخَمْسٍ وعِشْرِينَ دَرَجَةً" (١١). وَرُوِىَ عن ابنِ مَسْعُودٍ أنَّه فَاتَتْهُ الجُمُعَةُ، فَصَلَّى بِعَلْقَمَةَ والأسْوَد (١٢). واحْتَجَّ به أحْمَدُ، وفَعَلَهُ من ذَكَرْنَا من قبلُ، ومُطَرِّفٌ (١٣)، وإبراهيمُ. قال أبو عبدِ اللهِ: ما أَعْجَبَ النَّاس يُنْكِرُونَ هذا، فأمَّا زَمَنَ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فلم يُنْقَلْ إلينا أنَّه اجْتَمَعَ جَماعَةٌ مَعْذُورُونَ يَحْتاجُونَ إلى إقامَةِ الجَماعَةِ. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّه لا يُسْتَحَبُّ إعَادَتُها جَماعَةً في مَسْجِدِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا في مَسْجِدٍ تُكْرَهُ إعادَةُ الجماعةِ فيه، وتُكْرَهُ أيضًا في المَسْجِدِ الذي أُقِيمَتْ فيه الجُمُعَةُ؛ لأنَّه يُفْضِى إلى النِّسْبَةِ إلى الرَّغْبَةِ عن الجُمُعَةِ، أو أنَّه لا يَرَى الصلاةَ خَلْفَ الإِمامِ، أو يُعِيدُ الصلاةَ معه فيه، وفيه افْتِيَاتٌ على الإِمامِ، ورُبَّما أفْضَى إلى فِتْنَةٍ، أو لِخَوْفِ ضَرَرٍ به وبغيرِه، وإنَّما يُصَلِّيها في مَنْزِلِه، أو مَوْضِعٍ لا تَحْصُلُ هذه المَفْسَدَةُ بِصلاتِها فيه.

٢٩٥ - مسألة؛ قال: (ويُسْتَحَبُّ لمن أَتَى الجُمُعَةَ أن يَغْتَسِلَ، ويَلْبَسَ ثَوْبَيْنِ نَظِيفَيْنِ، ويَتَطَيَّبَ).

لا خِلافَ في اسْتِحْبابِ ذلك، وفيه آثَارٌ كَثِيرةٌ صَحِيحَةٌ؛ منها ما رَوَى سَلْمَانُ الفَارِسىُّ، قال: قال رسولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يَوْمَ الجُمُعَةِ، ويَتَطَهَّرُ ما اسْتَطَاعَ من طُهْرٍ، وَيَدَّهِنُ مِنْ دُهْنِه، أو يَمَسُّ من طِيبِ بَيْتِه، ثم يَخْرُجُ، فلا يُفَرِّقُ بَيْنَ اثْنَيْنِ، ثم يُصَلِّى ما كُتِبَ له، ثم يُنْصِتُ إذا تَكَلَّمَ الإِمَامُ، إلَّا غُفِرَ له ما بَيْنَهُ وبين الجُمُعَةِ الأُخْرَى". رَوَاهُ البُخَارِىُّ (١). وليس ذلك بواجِبٍ


(١١) تقدم تخريجه في ٢/ ٥٧٣.
(١٢) أخرجه عبد الرزاق، في: باب القوم يأتون المسجد يوم الجمعة بعد انصراف الناس، من كتاب الجمعة. مصنف عد الرزاق ٣/ ٢٣١.
(١٣) أبو مصعب مطرف بن عبد اللَّه بن مطرف الأصم، صحب مالكا، وتفقه به، وتوفى بالمدينة سنة عشرين ومائتين. طبقات الفقهاء، للشيرازي ١٤٧.
(١) في: باب الدهن للجمعة، وباب لا يفرق بين اثنين يوم الجمعة، من كتاب الجمعة. صحيح البخاري =

<<  <  ج: ص:  >  >>