للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصغيرةِ، فأُبِيحَ تَزْوِيجُها، كالكبيرةِ إذا ظهرتْ منها شهوةُ الرِّجالِ، ففى تَزْوِيجها مَصْلَحَتُها ودَفْعُ حاجَتِها، فأشْبَهَ ما لو قال أهلُ الطبِّ إنَّه يُزِيلُ عِلَّتَها. وتُعْرَفُ شَهْوَتُها من كَلَامِها، وقَرائِنِ أحْوالِها، كتَتَبُّعِها للرِّجالِ، ومَيْلِها إليهم، وأشْباهِ ذلك. القسم الثالث، مَنْ وَلِيُّها غيرُ الأَبِ والحاكِم. فقال القاضى: لا يُزَوِّجُها إلَّا (٤٠) الحاكمُ، فيكونُ حُكْمُها حُكْمَ القِسْمِ الثانى، على ما بَيَّناه. وقال أبو الخَطَّابِ: لهم تَزْوِيجُها فى الحالِ التى يَمْلِكُ الحاكمُ تزويجَ مُوَلِّيَتِه فيها. وهذا قولُ أبى حنيفةَ؛ لأنَّ وِلايَتَهُم مُقَدّمةٌ (٤١) على ولاِدة الحاكِم، فقُدِّمُوا عليه فى التَّزْويجِ، كما لو كانت عاقلةً. ووَجْهُ قولِ القاضى، أَنَّ الحاكمَ هو النَّاظِرُ لها فى مالِها دُونَهم، فيكونُ وَلِيًّا دُونَهم، كتَزْويج أمَتِها، ولأنَّ هذا دَفْعُ حاجةٍ ظاهرةٍ، فكانت إلى الحاكمِ، كدَفْعِ حاجةِ الجُوعِ والعُرْى. فإن كان لها وَصِىٌّ فى مالِها، لم يَمْلِكْ (٤٢) تَزْوِيجَها؛ لأنَّه لا وِلايةَ له فى نِكَاحِها. والحكمُ فى تزويجِها حكمُ مَنْ وَلِيُّها غيرُ الأبِ والحاكمِ، على ما ذكَرْنا.

١١٢٣ - مسألة؛ قال: (وَإِذَا زوَّجَ ابْنَتَهُ بِدُونِ صَدَاقِ مِثْلِهَا، ثَبَتَ النِّكَاحُ بِالْمُسَمَّى. وإِنْ فَعَلَ ذلِك غَيْرُ الْأَبِ ثَبَتَ النِّكَاحُ، وكَانَ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا)

وجملةُ ذلك أَنَّ للأبِ تَزْوِيجَ ابْنَتِه بدُونِ صَداقِ مِثْلِها، بكرًا كانت أو ثَيِّبًا، صغيرةً كانت أو كبيرةً. وبهذا قال أبو حنيفةَ (١)، ومالكٌ. وقال الشافعىُّ: ليس له ذلك، فإن فعَل فلَها مَهْرُ مِثْلِها؛ لأنَّه عَقْدُ مُعاوضةٍ فلم يَجُزْ أن يَنْقُصَ فيه عن قِيمةِ المُعَوَّضِ (٢) كالبَيْعِ، ولأنَّه تَفْرِيطٌ فى مالِها، وليس له ذلك. ولَنا، أَنَّ عمرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، خَطَبَ


(٤٠) فى م: "غير".
(٤١) فى ب: "متقدمة".
(٤٢) فى م: "يتملك".
(١) فى ب، م: "أبو الخطاب".
(٢) فى الأصل: "العوض".

<<  <  ج: ص:  >  >>