للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا أن لا يكونَ فى البلدِ نَقْدُ عشرةٍ بدينارٍ، إلَّا نَوْعٌ واحِدٌ، فَتنْصَرِفُ تلك الصِّفَةُ إليه. وكذلك الحُكْمُ فى البَيْعِ.

فصل: إذا كان لِرَجُلٍ فى ذِمَّةِ رَجُلٍ ذَهَبٌ، وللآخَرِ عليه دراهمُ، فَاصْطَرَفا (٧) بما فى ذِمَّتِهِما، لم يَصِحَّ، وبهذا قال اللَّيْثُ، والشَّافِعِىُّ. وحَكَى ابنُ عبدِ البَرِّ عن مالِكٍ وأبى حنيفةَ جَوازَهُ؛ لأنَّ الذِّمَّةَ الحاضِرَةَ كالعَيْنِ الحاضِرَةِ؛ ولذلك جازَ أن يَشْتَرِىَ الدَّراهمَ بِدنانيرَ (٨) من غيرِ تَعْيينٍ. ولنا، أنَّه بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ، ولا يجوزُ ذلك بالإِجْماعِ. قال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ أهْلُ العِلْمِ على أنَّ بَيْعَ الدَّيْنِ بالدَّيْنِ لا يجوزُ. وقال أحمدُ: إنَّما هو إجْماعٌ. وقد رَوَى أبو عُبَيْدٍ فى "الغَرِيبِ" (٩)، أنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى عن بَيْعِ الكَالِىء بالكَالِىء. وَفسَّرَهُ بالدَّيْنِ بالدَّيْنِ. إلًّا أنَّ الأَثْرَمَ رَوَى عن أحمدَ، أنَّه سُئِلَ: أيَصِحُّ فى هذا حَدِيثٌ؟ قال: لا. وإنما صَحَّ الصَّرْفُ بغير تَعْيِينٍ، بِشَرْطِ أن يَتَقابَضا فى المَجْلِسِ، فجَرَى القَبْضُ والتَّعْيِينُ فى المَجْلِسِ مَجْرَى وُجُودِه حالَةَ العَقْدِ. ولو كان لِرَجُلٍ على رَجُلٍ دَنانيرُ، فقَضاهُ دراهمَ شَيْئًا بعد شَىْءٍ نَظَرْتَ، فإن كان يُعْطِيه كُلَّ درهمٍ بحِسابِه من الدِّينارِ، صَحَّ. نَصَّ عليه أحمدُ. وإن لم يَفْعَلْ ذلك، ثم تَحاسَبا بعد ذلك (١٠) فصارَفَهُ بها وَقْتَ المُحاسَبَةِ، لم يَجُزْ. نصَّ عليه أيضًا؛ لأنَّ الدَّنانيرَ دَيْنٌ، والدَّراهمَ صَارَتْ دَيْنًا، فيَصِيرُ بَيْعَ دَيْنٍ بِدَيْنٍ. وإن قَبَضَ أحَدُهما من الآخَرِ مالَهُ عليه، ثم صارَفَهُ بِعَيْنٍ وذِمَّةٍ، صَحَّ. وإذا أعْطاهُ الدَّراهمَ شَيْئًا بعد شىءٍ، ولم يَقْضِه ذلك وَقْتَ دَفْعِها إليه، ثم أحْضَرَها، وقَوَّماها (١١)، فإنَّه يَحْتَسِبُ بِقِيمَتِها يومَ القَضاءِ، لا يومَ دَفْعِها إليه؛ لأنَّها قبلَ


(٧) فى الأصل: "واصطرفا".
(٨) فى الأصل: "بدينار".
(٩) غريب الحديث ١/ ٢٠.
كما أخرجه الدارقطنى، فى: كتاب البيوع. سنن الدارقطنى ٣/ ٧١، ٧٢. والحاكم، فى: باب النهى عن بيع الكالى بالكالى، من كتاب البيوع. المستدرك ٢/ ٥٧.
(١٠) سقط من: الأصل.
(١١) فى الأصل: "وقومها".

<<  <  ج: ص:  >  >>