للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى مُسْتَحِقِّها، ويَكْفِى المَسَاكِينَ مُؤْنَةَ النَّهْبِ والزِّحَامِ عليها. وإنَّما يُعْطِ الجازِرَ بأُجْرَتِه منها؛ لأنَّ (٢٢) ذَبْحَها عليه (٢٣)، فعِوَضُهُ عليه دُونَ المَسَاكِينِ، ولأنَّ دَفْعَ جُزْءٍ منها عِوَضًا عن الجِزَارَةِ كبَيْعِه، ولا يجوزُ بَيْعُ شيءٍ منها، فإن كان الجَازِرُ فَقِيرًا، فأعْطَاهُ منها (٢٤) لِفَقْرِه سِوَى ما يُعْطِيه أجْرَهُ، جازَ؛ لأنَّه مُسْتَحِقٌّ، أخَذَ (٢٥) منها لِفَقْرِه، لا لأجْرِه، فجازَ كغيرِه، ويُقَسِّمُ جُلُودَها وجِلَالَها، كما جاءَ في الخَبَرِ؛ لأنَّه سَاقَها لِلهِ على تِلْكَ الصِّفَةِ؛ فلا يَأْخُذُ شيئا ممَّا جَعَلَهُ (٢٦) لِلهِ. وقال بعضُ أصْحابِنا: لا يَلْزَمُه إعْطاءُ جِلَالِها؛ لأنَّه إنَّما أهْدَى الحَيَوَانَ دُونَ ما عليه.

فصل: والسُّنَّةُ النَّحْرُ بمِنًى؛ لأنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَحَرَ بها، وحيثُ نَحَرَ من الحَرَمِ أَجْزَأَهُ؛ لِقَوْلِ رسولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "كُلُّ مِنًى مَنْحَرٌ، وَكُلُّ فِجَاجِ مَكَّةَ مَنْحَرٌ وطَرِيقٌ". رَوَاهُ أبو دَاوُدَ (٢٧).

فصل: وليس من شَرْطِ الهَدْىِ أن يَجْمَعَ فيه بين الحِلِّ والحَرَمِ، ولا أن يَقِفَهُ بِعَرَفَةَ، لكنْ يُسْتَحَبُّ ذلك. رُوِىَ هذا عن ابنِ عَبّاسٍ، وبه قال الشَّافِعِىُّ، وأبو ثَوْرٍ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وكان ابنُ عمرَ لا يَرَى الهَدْىَ إلَّا ما عُرِّفَ به. ونحوُه عن سَعِيدِ بن جُبَيْرٍ. وقال مَالِكٌ: أُحِبُّ لِلْقَارِنِ أن يَسُوقَ هَدْيَهُ مِن حَيْثُ يُحْرِمُ، فإن ابْتَاعَهُ مِن دون ذلك، ممَّا يَلِى مَكَّةَ بعدَ أن يَقِفَهُ بِعَرَفَةَ، جازَ. وقال في هَدْىِ المُجَامِعِ: إن لم يَكُنْ سَاقَهُ، فلْيَشْتَرِه من مَكَّةَ، ثم ليُخْرِجْهُ إلى الحِلِّ، ولْيَسُقْهُ إلى مَكَّةَ. ولَنا، أنَّ المُرَادَ من الهَدْىِ نَحْرُهُ، ونَفْعُ المَسَاكِينِ بِلَحْمِه، وهذا (٢٨) لا


(٢٢) في أ، ب، م: "لأنه".
(٢٣) سقط من: ب، م.
(٢٤) سقط من: أ، ب، م.
(٢٥) في ب، م: "الأخذ".
(٢٦) في الأصل: "جعل".
(٢٧) تقدم تخريجه في صفحة ٢٤٣.
(٢٨) في م: "بهذا".

<<  <  ج: ص:  >  >>