للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُسَمًّى عليه، ثم بانَ خِلافُه (٧)، حَرُمَ؛ لأَنَّ حَقِيقَةَ الإِباحَةِ والتَّحْريِم لا تَتَغَيَّرُ باعْتقادِ (٨) خِلافِها، ولا الجهلِ بوُجودِها.

فصل: وإِنْ أُرسَلَ كَلْبَه، وأَرْسَلَ مَجُوسِىٌّ كَلْبَه، فَقَتَلَا صَيْدًا، لم يَحِلَّ؛ لأنَّ صَيْدَ الْمَجُوسِىِّ حَرامٌ، فإذا اجْتَمَعَ الحَظْرُ والإِباحَةُ، غَلَبَ الحَظْرُ، كالمُتَوِّلدِ بين ما يُؤْكَلُ وما لا يُؤْكَلُ، ولأنَّ الأصْلَ الحَظْرُ، والحِلُّ مَوْقوفٌ على شَرْطٍ، وهو تَذْكِيَةُ مَنْ هو من أهلِ الذَّكاةِ، أو صَيْدُه الذى حصلَت التَّذْكِيَةُ به، ولم يتحقّقْ ذلك. وكذلك إنْ رَمَياه بسَهْمَيْهما، فأصَاباه، فماتَ، ولا فَرْقَ بين أَنْ يقَعَ سَهْماهما فيه دَفْعَة واحدةً، أو يقَعَ أَحدُهما قبلَ الآخَرِ، إلَّا أَنْ يكونَ الأوَّلُ قد عَقَرَه عَقْرًا مُوحِيًا، مثل أَنْ ذَبَحَه، أو جَعَلَه فى حُكْمِ المذْبوحِ، ثم أصابَه الثانى وهو غيرُ مُوحٍ (٩)، فيكونُ الحكمُ للأوَّلِ، فإنْ كان الأوَّلُ المسلِمَ، أُبِيحَ، وإِنْ كان الْمَجُوسِىَّ، لم يُبَحْ. وإِنْ كان الثانى مُوحِيًا أيضًا، فقال أكثرُ أصْحابِنا: الحُكْمُ للأوَّلِ أيضًا؛ لأنَّ الإِباحَةَ حصَلتْ به، فأشْبَهَ ما لو كان الثانى غيرَ مُوحٍ. ويَجِىءُ على قولَ الْخِرَقِىّ أنَّه لا يُباح؛ لقولِه: وإذا ذَبح فأَتى على الْمَقاتِلِ، فلم تخْرُج الرُّوحُ حتى وقَعَتْ فى الماءِ، أو وَطِئَ عليها شىءٌ، لم تُؤْكلْ. ولأنَّ الرُّوحَ خَرَجَت بالجَرْحَيْنِ، فأشْبَهَ ما لو جَرَحاه معا. وإِنْ كان الأوّلُ ليس بمُوحٍ، والثانى مُوحٍ (١٠)، فالحُكْم للثانى فى الحظْرِ والإِباحَةِ. وإِنْ أرسلَ المسلِمُ والْمَجُوسِىُّ كلبًا واحدًا، فقتلَ صَيْدًا، لم يُبَحْ لذلك، وكذلك لو أَرْسَلَه مُسْلمانِ (١١) وسمَّى أحدُهما دونَ (١٢) الآخَرِ. وكذلك لو أرسَلَ المُسْلِمُ كلبَيْن، أحدُهما مُعَلَّمٌ والآخَرُ غيرُ مُعلَّمٍ، فقَتَلَا صَيْدًا، لم يَحِلَّ. وكذلك إنْ أرسلَ كلبَه المُعَلَّمَ، فاسْتَرْسَلَ معه مُعَلَّمٌ آخَرُ بِنَفْسِه، فقَتَلَا الصَّيْدَ، لم يَحِلُّ، فى قولِ أكثرِ أهلِ العلمِ؛ منهم ربيعةُ، ومالِكٌ، والشافِعِىُّ، وأبو ثَوْرٍ،


(٧) فى م: "بخلافه".
(٨) فى ب، م: "باعتقاده".
(٩) فى ب، م: "مذبوح".
(١٠) على أن جملة المبتدأ والخبر حال.
(١١) فى م: "مسلما" خطأ.
(١٢) فى ب: "ولم يسم".

<<  <  ج: ص:  >  >>