للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنَّ الفُقَرَاءَ رُشُدٌ، لا يُوَلَّى عليهِم، فإذا قَبَضَ بغيرِ إذْنِهم ضَمِن، كالأبِ إذا قَبَضَ لابْنِه الكَبِيرِ. وإن كان بِسُؤالِهم كان من ضَمَانِهم؛ لأنَّه وَكِيلُهم. فإنْ (١٠) كان بِسُؤالِ أرْبابِ الأمْوَالِ، لم يُجْزِئْهم الدَّفْعُ، وكان من ضَمَانِهم؛ لأنَّه وَكِيلُهم. وإن كان بِسُؤالِهما (١١) ففيه وَجْهَانِ؛ أَصَحُّهما، أنَّه من ضَمانِ الفُقَرَاءِ. ولَنا، أنَّ لِلْإمامِ وِلَايَةً على الفُقَرَاءِ، بِدَلِيلِ جَوَازِ قَبْضِ الصَّدَقَةِ لهم بغيرِ إذْنِهِمْ سَلَفًا وغيرِه، فإذا تَلِفَتْ فى يَدِهِ من غيرِ تَفرِيطٍ، لم يَضْمَنْ، كَوَلِىِّ اليَتِيمِ إذا قَبَضَ له. وما ذَكَرُوهُ يَبْطُلُ بما إذا قَبَضَ الصَّدَقَةَ بعدَ وُجُوبِها، وفَارَقَ الأبَ فى حَقِّ وَلَدِهِ الكَبِيرِ؛ فإنَّه لا يجوزُ له القَبْضُ له؛ لِعَدَمِ وِلَايَتِه عليه، ولهذا يَضْمَنُ ما قَبَضَهُ له من الحَقِّ بعدَ وُجُوبِهِ.

٤٢٢ - مسألة؛ قال: (ولَا يُجْزِئ (١) إخْرَاجُ الزَّكَاةِ إلَّا بِنِيَّةٍ).

[إلَّا أنْ يَأْخُذَهَا الْإمَامُ منه قَهْرًا] (٢). مذهبُ عَامَّةِ الفُقَهاءِ أنَّ النِّيَّةَ شَرْطٌ فى أدَاءِ الزكاةِ، إلَّا ما حُكِىَ عن الأوْزَاعِىِّ أنَّه قال: لا تَجِبُ لها النِّيَّةُ؛ لأنَّها دَيْنٌ، فلا تَجِبُ لها النِّيَّةُ، كسائِرِ الدُّيُونِ، ولهذا يُخْرِجُها وَلِىُّ اليَتِيمِ، ويأْخُذُها السُّلْطَانُ من المُمْتَنِعِ. ولَنا، قولُ النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ" (٣). وأدَاؤُها عَمَلٌ، ولأنَّها عِبَادَةٌ تَتَنَوَّعُ إلى فَرْضٍ ونَفْلٍ، فافْتَقَرَتْ إلى النِّيَّةِ كالصلاةِ، وتُفَارِقُ قَضَاءَ الدَّيْنِ؛ فإنَّه ليس بِعِبَادَةٍ، ولهذا يَسْقُطُ بإسْقَاطِ مُسْتَحِقِّه، ووَلِىُّ الصَّبِىِّ والسُّلْطَانُ يَنُوبانِ عندَ الحاجَةِ. فإذا ثَبَتَ


(١٠) فى م: "فإذا".
(١١) فى الأصل، م: "بسؤالهم".
(١) فى أ، م: "يجوز".
(٢) استعمل ابن قدامة نص الخرقى الذى يأتى فى المسألة ٤٢٣.
(٣) تقدم تخريجه فى ١/ ١٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>