للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما ذَكَرْناه. ولا فَرْقَ بين الأَثْمانِ وغيرِها فيما ذَكَرْنا، وبه يقول أبو حنيفةَ، والشافِعِيُّ. وقال مالِكٌ: إن وَهَبَ له ما يُعْرَفُ بِعَيْنِه كالأثْمانِ، لم يَجُزْ، إلَّا أن يَضَعَها على يَدِ غيرِه؛ لأنَّ الأبَ قد يُتْلِفُ ذلك، ويَتْلَفُ بغيرِ سَبَبِه، ولا يُمْكِنُ أن يُشْهِدَ على شيءٍ بِعَيْنِه، فلا يَنْفَعُ القَبْضُ شيئا. ولَنا، أنَّ ذلك ممَّا لا تَصِحُّ هِبَتُه، فإذا وَهَبَه لِابْنِه الصَّغِيرِ، وقَبَضَه له، وَجَبَ أن تَصِحَّ، كالعُرُوضِ.

فصل (٧): وإن كان الواهِبُ لِلصَّبِىِّ غيرَ الأبِ من أوْلِيَائِه، فقال أصْحابُنا: لا بُدَّ من أن يُوَكِّلَ مَنْ يَقْبَلُ لِلصَّبِيِّ، ويَقْبِضُ له، ليكونَ الإِيجابُ منه، والقَبُولُ، والقَبْضُ من غيرِه، كما في البَيْعِ. بخِلَافِ الأبِ؛ [فإنَّه يجوزُ أن يُوجِبَ ويَقْبَلَ ويَقْبِضَ، لكونِه يجوزُ أن يَبِيعَ لِنَفْسِه. والصَّحِيحُ عندى أنَّ الأبَ] (٨) وغيرَه في هذا سَوَاءٌ؛ لأنَّه عَقْدٌ يجوزُ أن يَصْدُرَ منه ومن وَكِيلِه، فجازَ له أن يَتَوَلَّى طَرَفَيْهِ، كالأبِ. وفارَقَ البَيْعَ؛ فإنَّه لا يجوزُ أن يُوَكِّلَ مَنْ يَشْتَرِى له، ولأنَّ البَيْعَ عَقْدُ مُعَاوَضةٍ ومُرَابَحَةٍ، فيُتَّهَمُ في عَقْدِه لِنَفْسِه، والهِبَةُ مَحْضُ مَصْلَحةٍ لا تُهْمةَ فيها، وهو وَلِىٌّ فيه (٩)، فجاز أن يَتَوَلَّى طَرَفَىِ (١٠) العَقْدِ، كالأبِ، ولأنَّ البَيْعَ إنَّما مُنِعَ منه لما يَأْخُذُه من العِوَضِ لِنَفْسِه من مالِ الصَّبِىِّ، وهو ههُنا يُعْطِى ولا يَأْخُذُ، فلا وَجْهَ لِمَنْعِه من ذلك، وتَوْقِيفِه على تَوْكِيلِ غيرِه، ولأنَّنا قد ذَكَرْنا أنَّه يُسْتَغْنَى بالإِيجَابِ والإِشْهَادِ عن (١١) القَبْضِ والقَبُولِ، فلا حاجَةَ إلى التَّوْكِيلِ فيهما مع غِنَاهُ عنهما.

فصل: فأمَّا الهِبَةُ من الصَّبِىِّ لغيرِه، فلا تَصِحُّ، سواءٌ أَذِنَ فيها الوَلِىُّ أو لم يَأْذَنْ؛ لأنَّه مَحْجُورٌ عليه لِحَظِّ (١٢) نَفْسِه، فلم يَصِحَّ تَبَرُّعُه، كالسَّفِيهِ. وأمَّا العَبْدُ فلا يجوزُ


(٧) في الأصل زيادة: "قال".
(٨) سقط من: الأصل. نقل نظر.
(٩) سقط من: الأصل.
(١٠) في م: "طرق".
(١١) في م: "إلى".
(١٢) في م: "لحفظ".

<<  <  ج: ص:  >  >>