للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشِّقْصِ مِن يَدِه، وحَصَلَ القَضَاءُ على الغائِبِ ضِمْنًا. فإن لم تكُنْ بَيِّنةٌ، وطَالَبَ (١٩) الشَّفِيعُ بِيَمِينِه، فنَكَلَ عنها، احْتَمَلَ أن يَقْضِىَ عليه؛ لأنَّه لو أَقَرَّ لَقَضَى عليه، فكذلك إذا نَكَل. واحْتَمَلَ أن لا يَقْضِىَ عليه؛ لأنَّه قَضَاءٌ على الغائِبِ بغير بَيِّنةٍ، ولا إقْرارِ مَن (٢٠) الشِّقْصُ في يَدِه.

فصل: وإذا ادَّعَى على رَجُلٍ شُفْعةً في شِقْصٍ اشْتَراهُ، فقال: ليس له مِلْكٌ في شَرِكَتِى. فعلى الشَّفِيعِ إقَامةُ البَيِّنةِ أنَّه شَرِيكٌ. وبه قال أبو حنيفةَ، ومحمدٌ، والشَّافِعِىُّ. وقال أبو يوسفَ: إذا كان في يَدِه، اسْتَحَقَّ به الشُّفْعةَ لذلك؛ لأنَّ الظاهِرَ من اليَدِ المِلْكُ. ولَنا، أنَّ المِلْكَ لا يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ اليَدِ، وإذا لم يَثْبُتِ المِلْكُ الذي يَسْتَحِقُّ به الشُّفْعةَ، لم تَثْبُتْ، ومُجَرَّدُ الظاهِرِ لا يَكْفِى، كما لو ادَّعَى وَلَدَ أَمَةٍ في يَدِه. فإن ادَّعَى أن المُشْتَرِىَ (٢١) يَعْلَمُ أنَّه شَرِيكٌ، فعلى المُشْتَرِى اليَمِينُ أنَّه لا يَعْلَمُ ذلك؛ لأنَّها يَمِينٌ على نَفْىِ فِعْلِ الغيرِ، فكانتْ (٢٢) على العِلْمِ، كاليَمِينِ على نَفْىِ دَيْنِ المَيِّتِ. فإذا حَلَفَ، سَقَطَتْ دَعْواهُ، وإن نَكَلَ، قُضِىَ عليه.

فصل: إذا ادَّعَى على شَرِيكِه، أنك اشْتَرَيْتَ نَصِيبَكَ من عَمْرٍو، فلِى شُفْعَتُه. فصَدَّقَهُ عَمْرٌو، فأنْكَرَ الشَّرِيكُ، وقال: بل وَرِثْتُه من أبِى. فأقَامَ المُدَّعِى بَيِّنةً أنَّه كان مِلْكَ عَمْرٍو، لم تَثْبُت الشُّفْعةُ بذلك. وقال محمدٌ: تثْبُتُ، ويقالُ له: إمَّا أن تَدْفَعَهُ وتَأْخُذَ الثمنَ، وإمَّا أن تَرُدَّهُ إلى (٢٣) البائِعِ، فيَأْخُذَه الشَّفِيعُ منه (٢٤)؛ لأنَّهما شَهِدَا بالمِلْكِ لِعَمْرٍو، فكأنَّهما شَهِدَا بالبَيْعِ. ولَنا، أنَّهما لم يَشْهَدَا بالبَيْعِ، وإقْرارُ عَمْرٍو على


(١٩) في الأصل: "وطلب".
(٢٠) في ب: "ممن".
(٢١) في الأصل، م: "المدعى".
(٢٢) في م: "فكان".
(٢٣) في ب: "على".
(٢٤) في م: "منهما".

<<  <  ج: ص:  >  >>