للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكان ما فى يَدِه لِسَيِّدِه، كغيرِ المكاتَبِ. والصَّحِيحُ الأوَّلُ، إِنْ شاءَ اللَّهُ تعالى؛ لأَنَّه مُكاتَبٌ بَرِئَ من مالِ الكتابَةِ، فعَتَقَ بذلك، وكان ما فى يَدِه له، كما لو أَبْرَأَه سَيِّدُه. يُحَقِّقُه أَنَّ مِلْكَه كان ثابتًا على ما فى يَدِه، ولم يحْدُثْ ما يُزِيلُه، وإنّما الحادِثُ مُزِيلٌ لمِلْكِ سَيِّدِه عنه، فيَبْقَى مِلكُه، كما لو عَتَقَ بالأداءِ.

فصل: إذا قال السَّيِّدُ لمُكاتَبِه: متى عَجَزْتَ بعدَ مَوْتِى، فأَنْتَ حُرٌّ. فهذا تَعْليقٌ للحُرِّيَّةِ على صِفَةٍ تَحْدُثُ بعدَ الموتِ. وقد ذَكَرْنا فيه اخْتِلافًا فيما مَضَى. فإنْ قُلْنا (٢): لا يَصِحُّ. فلا كلامَ. وإن قُلْنا: يصِحُّ. فمتى عَجَزَ بعدَ المَوْتِ، صارَ حُرًّا بالصِّفَةِ، فإن ادَّعَى العَجْزَ قبلَ حُلولِ النَّجْمِ، لم يَعْتِقْ؛ لأَنَّه لم يجِبْ عليه شىءٌ يَعْجِزُ عنه. وإن ادَّعَى ذلك بعدَ حُلولِ نَجْمِه، ومعه ما يُؤَدِّيه، لم يَصِحَّ قولُه؛ لأَنَّه ليس بعاجِزٍ. وإِنْ لم يَكُنْ معه مالٌ ظاهِرٌ، فصدَّقَه الورثَةُ، عَتَقَ، وإِنْ كَذَّبُوه، فالقولُ قوله مع يَمِينِه؛ لأنَّ الأَصْلَ عَدَمُ المالِ وعَجْزُه، فإذا حَلَفَ عَتَقَ. وإذا عَتَقَ بهذه الصِّفَةِ، كان ما فى يَدِه له، إِنْ لم تكُنْ كتابَتُه فُسِخَتْ؛ لأنَّ العَجْزَ لا تنْفَسِخُ به الكتابَةُ، وإنَّما يَثْبُتُ به اسْتِحقاقُ الفَسْخِ، والحُرِّيَّةُ تحْصُلُ به (٣) بأوّلِ وُجُودِه، فتكونُ الحُرِّيَّةُ قد حصَلتْ له فى حالِ كتابَتِه، فيكون ما فى يَدِه له، كما لو عَتَقَ بالإِبْراءِ مِن مالِ الكتابَةِ. ومُقْتَضَى قولِ بعضِ أصْحابِنا، أَنْ تبْطُلَ كتابَتُه، ويكونَ ما بِيَدِه لورَثَةِ سَيِّدِه.

فصل: وإذا كاتَبَ عَبْدًا له (٤) فى صِحَّتِه، ثم أعْتَقَه فى مرَضِ مَوْتِه، أو أبْرَأَه من مالَ الكتابةِ، فإنْ كان يخْرُجُ مِن ثُلثِه الأقَلُّ مِن قِيمَتِه، أو مالِ كتابَتِه، عَتَقَ، مثل أَنْ يكونَ له سِوَى المُكاتَبِ مائتان، وقِيمةُ المُكاتَبِ مائةٌ، ومالُ الكتابَةِ مائةٌ وخمسون، فإنَّنا نعْتَبِرُ قِيمتَه دونَ مالِ الكتابةِ، وهى تخْرُجُ من الثُّلثِ. ولو كان مالُ الكتابةِ مائةً، وقِيمَتُه مائةٌ وخمسون، اعْتَبَرْنا مالَ الكتابَةِ، ونَفَذَ العِتْقُ، ويُعْتَبَرُ الباقى من مالِ الكتابةِ دُونَ ما أدَّى منها. وإنَّما اعْتَبَرْنا الأَقَلَّ؛ لأنَّ قِيمَتَه إِنْ كانتْ أقلَّ، فهى قِيمةُ ما أتْلفَ بالإِعْتاقِ، ومالُ


(٢) سقط من: ب.
(٣) سقط من: ب، م.
(٤) سقط من: الأصل، أ، م.

<<  <  ج: ص:  >  >>