للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقْوَى منه، وهذا الذي اعْتذَرَ به هذا القائلُ دَعْوَى للنَّسْخِ (٨) بالاحْتمالِ من غيرِ دليلٍ عليه، وهو فاسِدٌ بالإِجماعِ، ثم هو فاسِدٌ من وَجْهٍ آخَرَ؛ لقولِه: "وَمَنْ سَرَقَ مِنه شَيْئًا بَعْدَ أنْ يُؤْويَهُ الْجَرِينُ، فَبَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ، فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ". فقد بَيَّنَ وُجوبَ القَطْعِ مع إيجاب غَرامَةِ مِثْلَيْه، وهذا يُبْطِلُ ما قالَه. وقد احتجَّ أحمدُ بأنَّ عمرَ أغْرَمَ حاطِبَ بنَ أبى بَلْتَعةَ حينَ انْتَحَرَ غِلمانُه ناقةَ رَجُلٍ من مُزَيْنَةَ مِثْلَىْ قيمَتِها (٩). وروَى الأثْرَمُ الحديثَيْنِ، في "سُنَنِه". قال أصحابُنا: وفى الماشيةِ تُسْرَقُ من المرْعَى، من غيرِ أن تكونَ مُحْرَزَةً، مِثْلَا قيمتها؛ للحديثِ، وهو ما جاء في سياقِ حديثِ عمروِ بنِ شُعَيْبِ، أنَّ السائِلَ قال: الشَّاةُ الحَرِيسةُ (١٠) مِنْهُنَّ يا نَبِىَّ اللهِ؟ قال: "ثَمَنُها وَمِثْلُهُ مَعَهُ، والنَّكالُ (١١)، ومَا كَانَ في الْمُرَاحِ (١٢)، فَفِيهِ الْقَطْعُ إذَا كَانَ مَا يأْخُذُه مِنْ ذَلِكَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ". هذا لَفْظُ (١٣) روايةِ ابنِ ماجَه. وما عَدَا هذين لا يُغْرَمُ بأكثرَ من قِيمَتِه، أو مِثْلِه إن كان مِثْلِيًّا. هذا قولُ أصحابِنا وغيرِهم، إلَّا أبا بكرٍ، فإنَّه ذَهَبَ إلى إيجابِ غَرامَةِ المسْروقِ من غيرِ حِرْزٍ بِمِثْلَيْه، قياسًا على الثَّمَرِ المُعَلَّقِ وحَرِيسَةِ الجبلِ، واستدْلالًا (١٤) بحديثِ حاطِبٍ. ولَنا، أنَّ الأصْلَ وُجوبُ غَرامَةِ المِثْلِىِّ بمِثْلِه، والمُتقوَّمِ بقِيمَتِه؛ بدليلِ المُتْلَفِ والمغْصُوبِ، والمنتَهَبِ والمختلَسِ، وسائرِ ما تجبُ غرامتُه، خُولِفَ في هذين المَوْضِعَيْنِ للأثَرِ، ففيما عَداهُ يَبْقَى على الأصْلِ.

١٥٨١ - مسألة؛ قال: (وابْتِدَاءُ قَطْعِ السَّارِقِ، أنْ تُقْطَعَ يَدُهُ اليُمْنَى مِنْ مَفْصِلِ الْكَفِّ، ويُحْسَمَ، فَإنْ عَادَ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى مِنْ مَفْصِلِ الْكَعْبِ، وحُسِمَتْ)


(٨) في م: "للفسخ" تحريف.
(٩) تقدم تخريجه في صفحة ٥٣.
(١٠) الحريسة: الشاة التي يدركها الليل قبل أن تصل إلى مراحها.
(١١) في النسخ: "والفكاك". والنكال: العقوبة.
(١٢) المراح: مأوى الماشية.
(١٣) في ب: "اللفظ".
(١٤) سقطت الواو من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>