للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٣٧٦ - مسألة؛ قال: (وَإذَا شَهِدَت امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ عَلَى الرَّضَاعِ، حَرُمَ النِّكَاحُ إذَا كَانَتْ مَرْضِيَّةً. وقَدْ رُوِىَ عَنْ أبِى عَبْدِ اللهِ، رَحِمَهُ اللهُ، رِوَايَةٌ أُخْرَى: إنْ كَانَتْ مَرْضِيَّةً اسْتُحْلِفَتْ، فإنْ كَانَتْ كَاذِبةً، لم يَحُلِ الْحَوْلُ حَتَّى تَبْيَضَّ ثَدْيَاهَا، وذَهَبَ في ذلِكَ إلَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِىَ اللهُ عَنْهُمَا (١))

وجملةُ ذلك أنَّ شَهادَةَ المرأةِ الواحدةِ مَقْبُولةٌ في الرَّضَاعِ، إذا كانتْ مَرْضِيَّةً. وبهذا قال طَاوُسٌ، والزُّهْرِىُّ، والأَوْزَاعِىُّ، وابنُ أبي ذِئْب، وسعيدُ بن عبد العزيزِ. وعن أحمد، روايةٌ أُخْرَى: لا يُقْبَلُ إلَّا شَهادَةُ امْرأتَيْنِ. وهو قولُ الحَكَمِ؛ لأنَّ الرِّجَالَ أكْمَلُ من النِّساءِ؛ ولا يُقْبَلُ [إلَّا شَهادَةُ] (٢) رَجُلَيْنِ، فالنِّساءُ أَوْلَى. وعن أحمدَ، رِوايةٌ ثالثةٌ، أنَّ شَهادَةَ المرأةِ الواحدةِ مَقْبُولَةٌ، وتُسْتَحْلَفُ مع شَهادَتِها. وهو قولُ ابن عباسٍ، وإسحاقَ؛ لأنَّ ابنَ عباسٍ قال، في امرأةٍ زَعَمَتْ أنَّها أرْضَعَتْ رَجُلًا وأهْلَه، فقال: إن كانتْ مَرْضِيَّةً، اسْتُحْلِفَتْ، وفارَقَ امْرَأتَه (٣). وقال: إن كانت كاذِبةً، لم يَحُلِ الحَوْلُ حتى تَبْيَضَّ ثَدْياها (٤). يعني يُصِيبُها فيها بَرَصٌ، عُقُوبةً على كَذِبِها. وهذا لا يَقْتَضِيه قِياسٌ، ولا يَهْتَدِى إليه رأىٌ، فالظَّاهرُ أنَّه لا يَقُولُه إلَّا تَوْقِيفًا. وقال عطاءٌ، وقَتادةُ، والشافعيُّ: لا يُقْبَلُ من النِّساءِ أقَلُّ من أرْبَعٍ؛ لأنَّ كلَّ امرأتينِ كرَجُلٍ. وقال أصْحابُ الرَّأْىِ: لا يُقْبَلُ فيه إلَّا رَجُلان، أو رَجُلٌ وامْرأتانِ. ورُوِىَ ذلك عن عمرَ؛ لقولِ اللَّه تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} (٥). ولَنا، ما رَوَى عُقْبَةُ بن الحارثِ، قال: تَزَوَّجْتُ أُمَّ يحيى بنتَ أبي إهابٍ، فجاءت أمةٌ سَوْداءُ، فقالت: قد أرْضَعْتُكُما. فأتَيْتُ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فذكَرْتُ


(١) في الأصل، أ، ب: "عنه".
(٢) سقط من: ب.
(٣) في الأصل: "أهله".
(٤) أخرجه عد الرزاق، في: باب شهادة امرأة على الرضاع، من كتاب الطلاق. المصنف ٧/ ٤٨٢، ٤٨٣.
(٥) سورة البقرة ٢٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>