للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسعودٍ. وممَّن قال بتَحْرِيمه، [عبيدُ اللَّه بن] (٥) عبدِ اللَّه بن عُتْبةَ، وجابرُ بن زيدٍ، وطاوُسٌ، ومالكٌ، والأوْزَاعىُّ، وأبو حنيفةَ، والشافعىُّ. ورُوِىَ عن ابن عبَّاس، أنَّه قال: أحَلَّتْهُما آيةٌ، وحَرَّمَتْهُما آيةٌ، ولم أكُنْ لأَفْعَله. ويُرْوَى ذلك (٦) عن علىٍّ أيضًا (٧). يُرِيدُ بالمُحَرِّمةِ قولَه تعالى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} (٨). وبالْمُحَفلةِ قولَه تعالى: {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} (٩). وقد رَوَى ابنُ منصورٍ، عن أحمدَ، وسأَلَه عن الجَمْعِ بين الأُخْتينِ المَمْلُوكتَيْنِ، أحَرَامٌ هو؟ قال: لا أقولُ حرامٌ، ولكنْ نَنْهَى عنه. وظاهرُ هذا أنَّه مَكْرُوهٌ غيرُ مُحَرَّمٍ. وقال داودُ، وأهلُ الظاهرِ: لا يُحَرَّمُ. اسْتِدْلالًا بالآية المُحَلِّلةِ؛ لأنَّ حُكْمَ الحرائرِ فى الوَطْءِ مُخالِفٌ لحُكْمِ الإِمَاءِ، ولهذا تَحْرُمُ الزيادةُ على أرْبَع فى الحرائر، وتُباحُ فى الإِمَاءِ بغيرِ حَصْرٍ، والمذهبُ تَحْرِيمُه، للآيةِ المُحَرِّمَةِ، فإنَّه يريدُ بها الوَطْءَ والعَقْدَ جميعًا، بدليلِ أَنَّ سائرَ المذْكوراتِ فى الآية يُحَرَّمُ وَطْؤُهُنَّ والعقدُ عليهنَّ، وآيةُ الحِلِّ مَخْصُوصةٌ بالمُحَرَّماتِ جميعِهِنَّ، وهذه مِنْهُنَّ، ولأنَّها امرأةٌ صارت فِرَاشًا، فحُرِّمَتْ أُخْتُها كالزَّوْجةِ.

الفصل الثالث: أنَّه إذا كان فى مِلْكِه أُخْتان، فله وَطْءُ إحْداهما، فى قولِ أكثرِ أهلِ العلمِ. وقال الحَكَمُ، وحَمَّادٌ: لا يَقْرَبُ واحدةً منهما. ورُوِىَ ذلك عن النَّخَعِىِّ. وذكَره أبو الخَطَّابِ مَذْهَبًا لأحْمدَ. ولَنا، أنَّه ليس يَجْمَعُ بينهما فى الفِرَاشِ، فلم يُحَرَّمْ، كما لو كان فى مِلْكِه إحداهما فقط.


(٥) سقط من: الأصل، ب.
وهو عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة الهذلى، أحد الفقهاء السبعة بالمدينة، توفى سنة ثمان وتسعين. طبقات الفقهاء. للشيرازى ٦٠، العبر ١/ ١١٦.
(٦) سقط من: الأصل.
(٧) أثرا ابن عباس وعلى أخرجهما البيهقى، فى: باب ما جاء فى تحريم الجمع بين الأختين، من كتاب النكاح. السنن الكبرى ٧/ ١٦٤. وسعيد بن منصور، فى: باب الرجل له أمتان أختان يطؤهما، من كتاب الطلاق. السنن ١/ ٣٩٦، ٣٩٧.
(٨) سورة النساء ٢٣.
(٩) سورة المؤمنون ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>