للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "العَجْمَاءُ جَرْحُها جُبَارٌ" (١). ولأنَّه جِنايةُ بَهِيمةٍ، فلم يَضْمَنْها، كما لو لم تكُنْ يدُه عليها. ولَنا، قولُ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الرِّجْلُ جُبَارٌ". رواه سعيدٌ (٢)، بإسْنادِه عن هُزَيْلِ بنِ شُرَحْبِيل، عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، [ورُوِىَ عن أبي هُرَيْرَةَ، عن النَّبى -صلى اللَّه عليه وسلم-] (٣). وتَخْصِيصُ الرِّجْلِ بكَوْنِه جُبَارًا، دليلٌ على وُجُوبِ الضَّمَانِ في جِنَايَةِ غيرِها، ولأنَّه يُمْكِنُه حِفْظُها عن الجنايَةِ إذا كانَ راكِبَها، أو يدُه عليها، بخلافِ مَنْ لا يَدَ له عليها، وحديثُه محمولٌ على مَن لا يَدَ له عليها.

١٦١٤ - مسألة؛ قال: (وَمَا جَنَتْ بِرِجْلِهَا، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ)

وبهذا قال أبو حنيفةَ. وعن أحمدَ، روايةٌ أُخْرَى، أنَّه يَضْمَنُها. وهو قولُ شُرَيْحٍ، والشَّافِعِىِّ؛ لأنَّه من جِنَايةِ بَهِيمةٍ، يدُه عليها، فَيَضمَنُها، كجِنَاية يَدِه. ولَنا، قولُ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الرِّجْلُ جُبَارٌ" (١). ولأنَّه لا يُمْكِنُه حِفْظُ رِجْلِها عن الجنايَةِ، فلم يَضْمَنْها، كما لو لم تَكُنْ يَدُه عليها. فأمَّا إن كانَتْ جنايتُها بفِعْلِه، مثل أنْ كَبَحَها بِلِجَامِها، أو ضَرَبَها في وَجْهِهَا، ونحو ذلك، ضَمِنَ جِنايةَ رِجْلِها؛ لأنَّه السَّبَبُ في جنَايتِها، فكان ضَمانُها عليه، ولو كان السَّبَبَ في جنايتِها غيرُه، مثل أن نَخَسَها، أو نَفَّرَها، فالضَّمَانُ على مَنْ فَعَلَ ذلك، دونَ راكبِها وسائقِها وقائدِها؛ لأنَّ ذلك هو السَّببُ في جِنَايتِها.

فصل: فإن كان على الدَّابَّةِ راكبان، فالضَّمانُ على الأوَّلِ منهما؛ لأنَّه المتَصَرِّفُ فيها، القادِرُ على كَفِّها، إلَّا أن يكونَ الأوَّلُ منهما صغيرًا أو مَرِيضًا أو نحوَهما، ويكونَ


(١) تقدم تخريجه، في: ٤/ ٢٣١، ٢٣٢.
(٢) ليس فيما نشر من سنن سعيد.
(٣) سقط من: ب. نقل نظر.
وأخرجه عن أبي هريرة أبو داود، في: باب في الدابة تنفح برجلها، من كتاب الديات. سنن أبي داود ٢/ ٥٠٢. والدارقطني، في: كتاب الحدود والديات. سنن الدارقطني ٣/ ١٥٢.
(١) تقدم تخريجه في المسألة السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>