للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه زِيَادَةٌ غيرُ مُتَمَيِّزَةٍ. فتَبِعَتِ الأصْلَ (٧)، كما لو رُدَّ بِعَيْبٍ أو خِيَارٍ أو إقَالَةٍ. فإن قيل: فلِمَ لا يَرْجِعُ الزَّوْجُ في نِصْفِه زائِدًا [إذا طَلَّقَ] (٨) قبلَ الدُّخُولِ؟ قُلنا: لأنَّ الزَّوْجَ يَقْدِرُ على الرُّجُوعِ بالقِيمَةِ، إذا فاتَه الرُّجُوعُ بالعَيْنِ (٩)، وفي مَسْأَلَتِنا إذا لم يَرْجِعْ في الشِّقْصِ، سَقَطَ حَقُّه من الشُّفْعةِ، فلم يَسْقُطْ حَقُّه من الأصْلِ لأجْلِ ما حَدَثَ من البائِعِ، وإذا أخَذَ الأصْلَ تَبِعَهُ نماؤُه المُتَّصِلُ، كما ذَكَرْنا في الفُسُوخِ كلِّها. الحال الثاني، أن تكونَ الزِّيادَةُ مُنْفَصِلةً، كالغَلَّةِ، والأُجْرةِ، والطَّلْعِ المُؤَبَّرِ، والثَّمَرةِ الظاهِرَةِ، فهى لِلمُشْتَرِى، لا حَقَّ لِلشَّفِيعِ فيِها؛ لأنَّها حَدَثَتْ في مِلْكِه، وتكونُ لِلمُشْتَرِى مُبَقَّاةً في رُءُوسِ النَّخْلِ إلى الجِذَاذِ؛ لأنَّ أخْذَ الشَّفِيعِ من المُشْتَرِى شِرَاءٌ ثانٍ، فيكونُ حُكْمُه حُكْمَ ما لو اشْتَرَى برِضَاهُ، فإن اشْتَرَاه وفيه طَلْعٌ غيرُ مُؤَبَّرٍ، فأَبَّرَهُ، ثم أخَذَه الشَّفِيعُ، أخَذَ الأصْلَ دون الثَّمَرَةِ، ويَأْخُذُ الأرْضَ والنَّخِيلَ بحِصَّتِهِما من الثَّمَنِ، كما لو كان المَبِيعُ شِقْصًا وسَيْفًا.

فصل: وإن تَلِفَ الشِّقْصُ أو بعضُه في يَدِ المُشْتَرِى، فهو من ضَمَانِه؛ لأنَّه مِلْكُه تَلِفَ في يَدِه، ثم إن أرادَ الشَّفِيعُ الأخْذَ بعدَ تَلَفِ بعضِه، أخَذَ المَوْجُودَ بحِصَّتِه من الثَّمنِ، سواءٌ كان التَّلَفُ بفِعْلِ اللَّه تعالى أو بفِعْلِ آدَمِىٍّ، وسواءٌ تَلِفَ باخْتِيارِ المُشْتَرِى، كنَقْضِه لِلبِنَاءِ، أو بغير اخْتِيارِه، مثل أن انْهَدَمَ. ثم إن كانت الأنْقاضُ (١٠) مَوْجُودةً أخَذَها مع العَرْصَةِ بالحِصَّةِ. وإن كانت مَعْدُومةً أخَذَ العَرْصةَ وما بَقِىَ من البنَاءِ. وهذا ظاهِرُ كلامِ أحمدَ، في رِوايةِ ابنِ القاسِمِ. وهذا قول الثَّوْرِىِّ، والعَنْبَرِىِّ، وأَبى يوسفَ، وقولٌ لِلشَّافِعِىِّ (١١). وقال أبو عبدِ اللَّه ابن حامِدٍ: إن كان التَّلَفُ بفِعْلِ آدَمِىٍّ، كما ذَكَرْنا، وإن كان بفِعْلِ اللهِ تعالى، كانْهِدامِ البِنَاءِ بِنَفْسِه، أو حَرِيقٍ، أو غَرَقٍ، فليس للشَّفِيعِ أخْذُ الباقى إلَّا بكلِّ الثمَنِ، أو يَتْرُكُ. وهذا قول أبي حنيفةَ، وقولٌ للشَّافِعِىِّ (١١)؛ لأنَّه متى كان النَّقْصُ بفِعْلِ آدَمِىٍّ، رَجَعَ بَدَلُه إلى المُشْتَرِى، فلا


(٧) في ب: "الأرض".
(٨) سقط من: ب.
(٩) في الأصل، ب: "في العين".
(١٠) في الأصل: "الأبعاض".
(١١) في ب، م: "الشافعي".

<<  <  ج: ص:  >  >>