للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَضَرَّةٌ عليهما. وإن بَنَاهُ بآلَةٍ من عنده، فله نَقْضُه؛ لأنَّه مِلْكُه خَاصَّةً. فإن قال شَرِيكُه: أنا أَدْفَعُ إليك نِصْفَ قِيمَةِ البِنَاءِ ولا تَنْقُضْهُ. لم يُجْبَرْ؛ لأنَّه لمَّا لم يُجْبَرْ على البِنَاءِ، لم يُجْبَرْ على الإِبْقَاءِ. وإن أرَادَ غيرُ البانِى نَقْضَه، أو إِجْبَارَ بَانِيه على نَقْضِه، لم يكُنْ له ذلك، على الرِّوَايَتَيْنِ جميعا؛ لأنَّه إذا لم يَمْلِكْ مَنعَه من بِنَائِه، فَلأَنْ لا يَمْلِكَ إجْبَارَهُ على نَقْضِه أَوْلَى، فإن كان له على الحائِطِ رَسْمُ انْتِفَاعٍ، ووَضْعُ خَشَبٍ، قال له: إمَّا أن تَأْخُذَ مِنِّى نِصْفَ قِيمَتِه، وتُمَكِّنَنِى من انْتِفَاعِى وَوَضْعِ خَشَبِى، وإمَّا أن تَقْلَعَ حَائِطَكَ، لِنُعِيدَ البِنَاءَ بيننا. فيَلْزَمُ الآخَرَ إجَابَتُه؛ لأنَّه لا يَمْلِكُ إِبْطَالَ رُسُومِه وانْتِفَاعِه بِبنَائِه. وإن لم يُرِد الانْتِفَاعَ به، فطَالَبَهُ البَانِي بالغَرَامَةِ أو القِيمَةِ، لم يَلْزَمْهُ ذلك؛ لأنَّه إذا لم يُجْبَرْ على البِنَاءِ، فأَوْلَى أن لا يُجْبَرَ على الغَرَامَةِ، إلَّا أن يكونَ قد أَذِنَ في البِنَاءِ والإِنْفَاقِ، فيَلْزَمُه ما أَذِنَ فيه. فأمَّا على الرِّوَايَةِ الأُولَى، فمتى امْتَنَعَ أجْبَرَهُ الحاكِمُ على ذلك، فإن لم يَفْعَلْ، أخَذَ الحاكِمُ من مَالِه وأنْفَقَ عليه. وإن لم يكُنْ له مَالٌ، فأَنْفقَ عليه الشَّرِيكُ بإِذْنِ الحاكِمِ، أو إِذْنِ الشَّرِيكِ، رَجَعَ عليه متى قَدَرَ. وإن أرَادَ بِنَاءَهُ، لم يَمْلِك الشَّرِيكُ مَنْعَهُ. وما أَنْفَقَ؛ إن تَبَرَّعَ به لم يكُنْ له الرُّجُوعُ به، وإن نَوَى الرُّجُوعَ به، فهل له الرُّجُوعُ بذلك؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ، بنَاءً على ما إذا قَضَى دَيْنَه بغيرِ إذْنِه. وإن بَنَاهُ لِنَفْسِه بآلَتِه، فهو بينهما. وإن بَنَاهُ بآلَةٍ من عنده، فهو له خَاصَّةً. فإن أرَادَ نَقْضه (٢٢)، فله ذلك، إلَّا أن يَدْفَعَ إليه شَرِيكُه نِصْفَ قِيمَتِه، فلا يكونُ له نَقْضُه؛ لأنَّه إذا أُجْبِرَ على بِنَائِه، فأَوْلَى أن يُجْبَرَ على إِبْقَائِه.

فصل: فإن لم يكُنْ بين مِلْكَيْهِما حَائِطٌ قَدِيمٌ، فطَلَبَ أحَدُهما من الآخَرِ مُبَانَاتَه حَائِطًا يَحْجِزُ بين مِلْكَيْهما، فامْتَنَعَ، لم يُجْبَرْ عليه. رِوَايَةً واحِدَةً. وإن أرَادَ البِنَاءَ وَحْدَه، لم يكُنْ له البِنَاءُ إلَّا في مِلْكِه خَاصَّةً؛ لأنَّه لا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ في مِلْكِ جَارِه المُخْتَصِّ به، ولا في المِلْكِ المُشْتَرَكِ بغيرِ مالَه فيه رَسْمٌ، وهذا لا رَسْمَ له. ولا أعْلَمُ في هذا خِلَافًا.


(٢٢) في الأصل: "قلعه".

<<  <  ج: ص:  >  >>