للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَأْخُذُ الجَوْزَ كلَّه على ذلك المِعْيارِ، قال: لا يجوزُ. وقال فى رَجُلٍ ابْتاعَ أعْكامًا كَيْلًا، وقال للبائِعِ: كِلْ لى [عِكْمًا منها] (٨) واحِدًا وآخُذُ (٩) ما بَقِىَ على هذا الكَيْلِ. أكْرَهُ هذا، حتى يَكِيلَها كلَّها. وقال الثَّوْرِيُّ: كان أصْحابُنا يَكْرَهُونَ هذا؛ وذلك لأنَّ ما فى العُكُومِ يَخْتَلِفُ، فيكونُ فى بعضِها أكْثَرَ من بعضٍ، فلا يُعْلَمُ ما في بَعْضِها بِكَيْلِ البَعْضِ، والجَوْزُ يَخْتَلِفُ عَدَدُه، فيكون في أحَدِ المِكْتَلَيْنِ أكْثَرَ من الآخَرِ، فلا يَصِحُّ تَقْدِيرُه بالكِيلِ، كما لا يَصِحُّ تَقْدِيرُ المَكِيلِ بالوَزْنِ، ولا المَوْزُونِ بالكَيْلِ.

٧٣٨ - مسألة؛ قال: (وَإذَا اشْتَرَى صُبْرَةً عَلَى أنَّ كُلَّ مَكِيلٍ (١) مِنْهَا بِشَىْءٍ مَعْلُومٍ جازَ)

وجملةُ ذلك، أنَّه إذا قال: بِعْتُكَ هذه الصُّبْرَةَ كلَّ قَفِيزٍ منها بِدِرْهَمٍ. صَحَّ، وإن لم يَعْلَما مِقْدارَ ذلك حالَ العَقْدِ. وبهذا قال مالِكٌ، والشَّافِعِيُّ، وأبو يوسفَ، ومحمدٌ، وقال أبو حنيفةَ: يَصِحُّ فى قَفِيزٍ واحدٍ، ويَبْطُلُ فيما سِواه؛ لأنَّ جُمْلَةَ الثَّمَنِ مَجْهُولَةٌ، فلم يَصِحَّ كبَيْعِ المُبْتاعِ بِرَقَمِه. ولنا، أن المَبِيعَ مَعْلُومٌ بالمُشاهَدَةِ، والثَّمَنَ مَعْلُومٌ؛ لإِشارَتِه إلى ما يُعْرَفُ مَبْلَغُهُ بِجِهَةٍ لا تَتَعَلَّقُ بالمُتَعاقِدَيْنِ، وهو أن تُكالَ الصُّبْرَةُ، ويُقَسَّطَ الثَّمنُ على قَدْرِ قُفْزانِها، فيُعْلَمَ مَبْلَغُه، فجازَ، كما لو باعَ ما رَأْسُ مالِه اثْنان وسَبْعُونَ مُرابَحَةً، لكلِّ ثلاثةَ عشرَ دِرْهَمًا (٢) دِرْهَمٌ، فإنَّه لا يُعْلَمُ في الحالِ، وإنَّما يُعْلَمُ بالحِسابِ، كذا هَاهُنا. ولأنَّ المَبِيعَ مَعْلُومٌ بالمُشاهَدَةِ، والثَّمَنَ مَعْلُومٌ قَدْرَ ما يُقابِلُ كلَّ جُزْءٍ من المَبِيعِ، فصَحَّ، كالأصْلِ


(٨) فى م: "عكمانها".
والعكم: العدل -بكسر العين وسكون الدال- ما دام فيه المتاع.
(٩) فى م: "واحدا و".
(١) فى م: "مكيلة".
(٢) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>